
الهيئة الدولية حشد ترسل مذكرة إحاطة عاجلة إلى المجتمع الدولي بشأن كارثة إغلاق المعابر وتجويع مليوني فلسطيني في غزة
التاريخ : 15 اغسطس 2025
خبر صحافي
الهيئة الدولية “حشد” ترسل مذكرة إحاطة عاجلة إلى المجتمع الدولي بشأن كارثة إغلاق المعابر وتجويع مليوني فلسطيني في غزة
أرسلت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” مذكرة إحاطة عاجلة إلى عدد واسع من الجهات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وفي مقدمتها محكمة الجنايات الدولية، والمقرر الخاص بالأراضي الفلسطينية، والمقرر الخاص بالحالة الإنسانية، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمقررين الخاصين المعنيين بالحق في الغذاء والصحة والمياه والصرف الصحي، إلى جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والصحافة العالمية، واللجنة الدولية لتقصي الحقائق، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا). وجاءت هذه المذكرة بهدف وضع هذه الجهات في صورة التداعيات المأساوية الناجمة عن إغلاق المعابر الإنسانية ومنع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وذلك في ظل الحصار المفروض منذ أكثر من 160 يوماً، والذي تقول الهيئة إنه يتم بطريقة مخالفة تماماً للمعايير الدولية المعتمدة لدى الأمم المتحدة.
في مستهل المذكرة، أعربت “حشد” عن تقديرها لجهود هذه المؤسسات الدولية في تعزيز كرامة الإنسان وحماية حقوقه حول العالم، وضمان التزام الدول بأحكام القانون الدولي الإنساني، لكنها شددت على أن ما يجري في قطاع غزة منذ أشهر طويلة يمثل جريمة ممنهجة للإبادة الجماعية، تُرتكب بحق المدنيين على مرأى ومسمع من العالم. وأشارت الهيئة إلى أن حصيلة العدوان والحصار المستمرين بلغت حتى الآن 62,049 شهيداً و159,705 جرحى، إضافة إلى تهجير وتجويع مليوني مدني، وتهيئة بيئة غير صالحة للعيش على المدى الطويل.
وأوضحت المذكرة أن سلطات الاحتلال لا تزال تسدّ الباب أمام أي مفاوضات جدية لوقف الكارثة، وتضع العراقيل الدائمة أمام أي مساعٍ إنسانية، في وقت تمضي فيه قدماً في العملية العسكرية القائمة على قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين وتهجير من تبقى من السكان، ضمن خطة ممنهجة لتفريغ القطاع من أهله وتحويله إلى مستوطنات يهودية، في إطار سياسة التوسع الاستعماري. ورغم جسامة هذه الانتهاكات، تؤكد “حشد” أن حصار المدنيين وإغلاق الممرات الإنسانية لتجويعهم وعزلهم يُعد من أبشع الجرائم التي تنتهك بشكل صارخ اتفاقية جنيف الرابعة والمادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل حق الإنسان في الحياة.
وتفصّل المذكرة في عرض الأوضاع الميدانية، مشيرة إلى أن الاحتلال يفرض منذ الثاني من مارس 2025 حصاراً خانقاً على المعابر، ما أدى إلى منع دخول أي مواد غذائية أو أدوية، أو حتى السماح بإجلاء المرضى للعلاج في الخارج. وقد أدى ذلك إلى تفاقم المأساة الإنسانية بشكل غير مسبوق، حيث تم تسجيل وفاة مئات الأشخاص جوعاً، بينهم عشرات الأطفال، وفساد معظم المساعدات الإنسانية المحتجزة في الجانب المصري بسبب منع مرورها. كما جرى منع دخول الصحافة الدولية ولجان تقصي الحقائق، ما أدى إلى عزل القطاع بالكامل عن العالم، وترك السكان عرضة للمجازر دون رقابة أو توثيق دولي مباشر.
وتحذر “حشد” من أن الإغلاق المتواصل للمعابر ضرب المنظومة الصحية في مقتل، إذ حُرم نحو 35 ألف جريح من السفر للعلاج، فيما توفي أكثر من 6,700 شخص بسبب نقص الأدوية وعدم توفر فرص الإجلاء. كما أدى الحصار إلى حرمان نحو مليون طفل من التغذية السليمة، نصفهم تقريباً يعانون بالفعل من سوء التغذية، فيما فُقد حليب الرضع عن عشرات الآلاف منهم. وإلى جانب ذلك، حرم إغلاق المعابر المستشفيات من الوقود اللازم لتشغيل أقسامها الحيوية، ومنع وصول المياه الصالحة للشرب إلى السكان بسبب توقف محطات التحلية.
ولم يتوقف أثر الإغلاق عند حدود المأساة الإنسانية المباشرة، بل امتد ليشلّ عمل المنظمات الإنسانية التي أصبحت عاجزة عن تقديم المساعدات، نتيجة منع إدخال الإمدادات الخاصة بها. كما أدى الحصار إلى أزمة نقدية خانقة، مع انهيار النظام المصرفي وارتفاع عمولات الصرف إلى 50%، ما حرم المواطنين من الاستفادة من أموالهم، وزاد من صعوبة تأمين احتياجاتهم اليومية.
وترى الهيئة أن استمرار الحصار وإغلاق المعابر أدى إلى تكريس عزلة غزة عن العالم، ومنع الأمم المتحدة من إعلانها “منطقة مجاعة” وفق المعايير الدولية، بسبب غياب إمكانية الرصد الميداني، في ظل منع دخول الصحافة الدولية أو لجان التحقيق. كما عطّل الحصار جهود إعادة الإعمار ومنع إدخال المعدات اللازمة لإزالة ما يزيد عن 55 مليون طن من الركام، الأمر الذي يفاقم الأزمة ويؤخر أي أمل في التعافي.
وفي ختام المذكرة، دعت “حشد” المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل وفوري، مؤكدة أن الحصار الحالي يُصنّف وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كجريمة حرب، ويمثل خرقاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة. وطالبت بفتح المعابر فوراً وإدخال المساعدات دون شروط أو قيود، وتحميل الوسطاء والضامنين مسؤولية الضغط على الاحتلال لوقف الإبادة ورفع الحصار، ومحاسبة كل من شارك أو دعم القرارات التي أفضت إلى هذه الجرائم، بما في ذلك الدول التي تقدم دعماً مادياً وعسكرياً للاحتلال. كما شددت على ضرورة دعم الجهود الإنسانية لإنشاء ممرات مستقلة وآمنة لوصول الإغاثة بعيداً عن السيطرة الإسرائيلية، باعتبار ذلك خطوة أساسية لإنقاذ حياة ما تبقى من سكان القطاع.