
حشـد: الاحتلال وتقليص التمويل الدولي يقوّضان عمل المنظمات الإنسانية في غزة ويدفعان نحو انهيار شامل للمنظومة الإغاثية
التاريخ : 3 ايلول – سبتمبر 2025
خبر صحافي
حشـد: الاحتلال وتقليص التمويل الدولي يقوّضان عمل المنظمات الإنسانية في غزة ويدفعان نحو انهيار شامل للمنظومة الإغاثية
غزة – الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشـد)
أصدرت الهيئة الدولية حشد تقريراً موسعاً بعنوان “عجز عمل المنظمات الإنسانية عن القيام بواجباتها”، أعدته الباحثة لبنى ديب، كشفت فيه بالأرقام والمعطيات حجم التحديات غير المسبوقة التي تواجه العمل الإنساني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى أغسطس 2025. وأكدت أن ما يجري يُمثل انهياراً منظّماً للمنظومة الإنسانية الدولية بفعل السياسات الإسرائيلية الممنهجة، والتقليص المتعمد للتمويل الدولي، والتواطؤ في إدامة الإبادة الجماعية الجارية بحق الفلسطينيين.
وأوضح التقرير أن سلطات الاحتلال عمدت إلى إغلاق المعابر بشكل كامل، بما في ذلك معبر رفح الذي هُدم جانبه الفلسطيني في يونيو 2024، الأمر الذي شلّ إدخال المساعدات. كما استُهدفت المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء بشكل مباشر؛ حيث دُمّر 38 مستشفى و95% من مدارس الأونروا، وأوقعت الهجمات أكثر من 3,000 شهيد من العاملين في القطاع الإنساني، بينهم 1,590 من الكوادر الطبية و283 من موظفي الأونروا.
كما فرضت إسرائيل قيوداً بيروقراطية وأمنية معقدة عبر وحدة “كوغات”، واستبدلت نظام التنسيق الأممي بآلية “مؤسسة غزة الإنسانية” الخاضعة لإشرافها العسكري، ما أدى إلى تقليص نقاط توزيع المساعدات من 400 إلى 4 فقط، وتحويلها إلى مناطق مزدحمة يتعرض فيها المدنيون لإطلاق النار.
إلى جانب العراقيل الإسرائيلية، تطرّق التقرير إلى أزمة التمويل الدولية، حيث فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تخفيضات على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) جمدت مئات الملايين من الدولارات، ما أجبر منظمات الإغاثة على الصرف من أموالها الخاصة وتقليص برامجها.
ورغم موافقة الإدارة الأمريكية في يناير 2025 على توفير 383 مليون دولار لدعم غزة، إلا أن تقارير المنظمات الإغاثية أكدت أنها لم تتلقّ أي مدفوعات فعلية، بينما خُصم نحو 40 مليون دولار إضافية بموجب قيود على المساعدات النقدية المباشرة.
وحتى 16 أغسطس 2025، لم يُصرف سوى 912 مليون دولار من أصل 4 مليارات مطلوبة لتلبية الاحتياجات العاجلة لأكثر من 3.3 مليون شخص، خصص 88% منها لغزة. كما أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) تقليص خطته العالمية لعام 2028 إلى 29 مليار دولار بدلاً من 44 مليار، مما انعكس سلباً على الأولويات الخاصة بغزة.
أشار التقرير إلى أن هذه السياسات أدت إلى مجاعة رسمية في مدينة غزة ومحيطها وفق تصنيف منظمة الأمن الغذائي (IPC)، هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط. ويواجه أكثر من 470,000 شخص جوعاً كارثياً، بينما ارتفعت حالات سوء التغذية بين الأطفال ستة أضعاف بين فبراير ويوليو 2025، وأسفرت عن استشهاد 303 مدنيين بينهم 117 طفل بسبب الجوع.
وفي السياق الصحي، تعرّض أكثر من 80% من المرافق الطبية للتدمير أو التعطيل، فيما حُرم 90% من السكان من المياه الصالحة للشرب، وتدفقت مياه الصرف الصحي إلى الشوارع والسواحل. كما نزح قسراً نحو 1.9 مليون شخص – أي ما يعادل 85% من سكان القطاع – في ظروف كارثية، بينما تزايدت معدلات الوفيات بسبب الأمراض وسوء التغذية وانعدام الرعاية الطبية.
انتقد التقرير أداء بعض المنظمات الإنسانية الكبرى مثل الأونروا والصليب الأحمر، التي اكتفت ببيانات عامة دون مواقف واضحة، أو أخلت مراكزها من الشمال تاركةً المدنيين عرضة للاستهداف، ما اعتُبر تواطؤاً ضمنياً أو عجزاً فاضحاً عن القيام بالمهام الموكلة إليها.
شددت حشد على أن العراقيل الإسرائيلية تشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف الرابعة والبروتوكولات الإضافية وقرارات مجلس الأمن (1502/2003، 2712/2023، 2720/2023)، التي تُلزم قوة الاحتلال بتيسير مرور المساعدات وحماية العاملين الإنسانيين، مؤكدة أن استهداف المرافق الإنسانية يُعد جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
دعت الهيئة الدولية حشد إلى:
فتح تحقيق عاجل من قبل محكمة الجنايات الدولية في الجرائم المرتكبة ضد الطواقم الإنسانية.
ضغط دولي ملزم لفتح المعابر فوراً وتأمين تدفق المساعدات.
توفير حماية دولية للمنظمات والعاملين الإنسانيين.
عقد مؤتمر دولي لفضح الاعتداءات على المرافق الإنسانية والأونروا.
إلزام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاستجابة الفاعلة لنداءات الإخلاء الطبي ومراكز الإيواء.
أكدت حشد أن ما يجري في غزة ليس مجرد عجز إجرائي، بل هو هجوم منظم على المنظومة الإنسانية العالمية، يهدف إلى تجويع وتهجير وتدمير مقومات الحياة للفلسطينيين، في ظل صمت دولي مخزٍ وتواطؤ مع الاحتلال، مما يُهدد بتحويل العمل الإنساني إلى مجرد أداة شكلية عاجزة عن إنقاذ الأرواح.