
في اليوم العالمي للبيئة… “حشد” تحذر من إبادة بيئية ممنهجة في قطاع غزة تهدد الحياة والموارد
التاريخ : 8 يونيو 2025
خبر صحافي
في اليوم العالمي للبيئة… “حشد” تحذر من إبادة بيئية ممنهجة في قطاع غزة تهدد الحياة والموارد
بالتزامن مع اليوم العالمي للبيئة، وجّهت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” مذكرة إحاطة عاجلة إلى عدد من الجهات الدولية والإقليمية، محذّرة من الكارثة البيئية المتفاقمة في قطاع غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 18 شهرًا، والحصار الشامل المفروض منذ 17 عامًا. واعتبرت الهيئة أن ما يتعرض له القطاع هو إبادة بيئية شاملة، لا يمكن وصفها بأنها مجرد أضرار جانبية للحرب، بل ترقى إلى كونها “جريمة حرب بيئية مكتملة الأركان”.
في الوقت الذي يحيي فيه العالم هذا العام اليوم العالمي للبيئة تحت شعار “التغلب على التلوث البلاستيكي”، تعيش غزة واقعًا بيئيًا كارثيًا يهدد الحياة، ويضرب كل مقومات البيئة الطبيعية، من مياه وتربة وهواء، بفعل العمليات الحربية الإسرائيلية واسعة النطاق، التي لم تستثنِ أي مرفق أو مكون بيئي من الاستهداف.
تشير التقارير الصادرة عن سلطة جودة البيئة والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن 65% من سكان غزة لا يحصلون سوى على كميات مياه يومية تقل عن 3 إلى 5 لترات للفرد، وهي نسبة متدنية جدًا وفقًا للمعايير الدولية. كما ارتفعت أسعار المياه في القطاع بنسبة تفوق 400%، نتيجة تدمير أكثر من 85% من شبكات المياه والصرف الصحي، وما يقارب 80% من محطات وشبكات الضخ والمعالجة، في حين أن 91% من الأسر أصبحت تعاني من انعدام الأمن المائي، مما يعرض السكان لأمراض خطيرة، أبرزها الإسهال الحاد والتسمم.
وأوضحت الهيئة أن النفايات والركام يشكلان خطرًا بيئيًا إضافيًا، إذ قُدّر حجم النفايات الصلبة والركام المتراكم في قطاع غزة بأكثر من 50 مليون طن، بينما يتكدس نحو نصف مليون طن من النفايات المنزلية والطبية في الشوارع دون معالجة. وفي الوقت نفسه، أدّى العدوان إلى تدمير أكثر من 81% من الأراضي الزراعية، مما فاقم من أزمة الأمن الغذائي، وقلل من قدرة السكان على الوصول إلى غذاء صحي وآمن.
أحد أخطر الأبعاد التي وثقتها الهيئة هو استخدام الاحتلال الإسرائيلي لأسلحة محرّمة دوليًا، منها الفوسفور الأبيض واليورانيوم المنضب، الأمر الذي تسبّب في تلوث الهواء والمياه والتربة بمواد سامة وإشعاعية، قد تمتد آثارها البيئية والصحية لعقود. كما أن تدمير محطات المعالجة أدى إلى تسرب كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى البحر، ما أدى إلى تلويث أكثر من 50% من شاطئ غزة، وانقراض أنواع متعددة من الكائنات البحرية.
وأكدت “حشد” أن هذه الجرائم تشكل انتهاكًا صارخًا لعدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة، منها اتفاقيات جنيف لعام 1949، واتفاقية رامسار بشأن الأراضي الرطبة لعام 1971، واتفاقية ستوكهولم بشأن الملوثات العضوية عام 2001، مما يستوجب تدخلاً قانونيًا ومحاسبة دولية عاجلة.
في ختام مذكرتها، دعت الهيئة المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل يتضمن وقف العدوان، ورفع الحصار، وإدخال المساعدات والمعدات البيئية والإنسانية اللازمة لإعادة تأهيل ما دمرته الحرب. كما طالبت بإدراج الكارثة البيئية في غزة ضمن أولويات المنظومة الدولية، وفتح تحقيق شامل في الجرائم البيئية من قبل محكمة الجنايات الدولية، إلى جانب دعم المبادرات المجتمعية والرقابة البيئية الشعبية، وتوثيق الانتهاكات الواقعة على البيئة في غزة بشكل مؤسسي.
وقد أُرسلت المذكرة رسميًا إلى مجموعة من الجهات الدولية المؤثرة، من بينها:
الأمين العام للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والمفوضية الأوروبية لشؤون البيئة والمناخ، ووحدة الجرائم البيئية بالمحكمة الجنائية الدولية، والاتحاد البرلماني الدولي، والاتحاد الأفريقي، ومجلس وزراء البيئة العرب بجامعة الدول العربية.
وفي تصريح صحفي له، قال الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس مجلس إدارة الهيئة:
“نحن أمام إبادة بيئية تتم بصمت مطبق. قطاع غزة يُباد بيئيًا، وهذه الجريمة لا تُغتفر. المطلوب ليس التضامن الرمزي، بل تحرك عاجل يُعيد للبيئة الفلسطينية حقها في الحياة، وللشعب الفلسطيني حقه في العدالة.”