
الهيئة الدولية (حشد) تُصدر ورقة سياسات بعنوان من خيام النكبة إلى خيام غزة.. المخيمات الفلسطينية ما بين العام 1948 إلى عام 2023
التاريخ:14 مايو 2025
خبر صحافي
الهيئة الدولية (حشد) تُصدر ورقة سياسات بعنوان: “من خيام النكبة إلى خيام غزة.. المخيمات الفلسطينية ما بين العام 1948 إلى عام 2023”
أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، ورقة سياسات بعنوان: “من خيام النكبة إلى خيام غزة.. المخيمات الفلسطينية ما بين العام 1948 إلى عام 2023″، أعدتها المحامية ريم محمود منصور، بهدف تسليط الضوء على التحولات التاريخية والاجتماعية والسياسية التي مرت بها المخيمات الفلسطينية، منذ نكبة عام 1948 وحتى الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023.
أكدت الورقة أن المخيمات الفلسطينية لم تكن مجرد ملاذات طارئة، بل تحوّلت إلى رموز راسخة للتهجير القسري والتشبث بالهوية الوطنية، وباتت شاهدة على جريمة تاريخية مستمرة تمثّلت في اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه. وأشارت إلى أن مشهد النكبة يتكرر اليوم بصورة أكثر فداحة، من خلال آلاف الخيام المنصوبة في جنوب قطاع غزة، والتي تعبّر عن موجة تهجير قسري جديدة تحت غطاء إنساني زائف.
أولاً: المخيم كنتاج للنكبة – سياق تاريخي
أوضحت الورقة أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ظهرت كرد فعل طارئ على تهجير نحو سبعمئة وخمسين ألف فلسطيني في عام 1948. وتحت إشراف وكالة الأونروا، أُنشئت هذه المخيمات داخل فلسطين وفي دول اللجوء مثل لبنان وسوريا والأردن، بهدف تقديم الحد الأدنى من الإغاثة. لكنها تحوّلت لاحقاً إلى كيانات ديموغرافية وسياسية واجتماعية مستقرة، مثّلت مصدر قوة في صمود اللاجئين وتمسكهم بحق العودة.
ثانياً: خيام غزة بعد السابع من أكتوبر – نكبة متجددة
أشارت الورقة إلى أن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023، تسبب في نزوح أكثر من مليوني فلسطيني قسراً، في ظروف إنسانية مأساوية تفتقر لأدنى مقومات الحياة. وتمثل الخيام المنصوبة في رفح وخانيونس ومناطق أخرى تكراراً مرعباً لمشاهد نكبة عام 1948، ولكن هذه المرة داخل أرض محاصرة ومفككة البنية التحتية، في ظل تهديدات متواصلة بالتهجير القسري الخارجي بدعم أمريكي وتواطؤ دولي.
ثالثاً: وحدة المعاناة – مقاربات مقارنة
استعرضت الورقة ثلاث مقاربات توضح وحدة المعاناة في النكبتين:
واحد. التهجير القسري كأداة استعمارية، إذ جرى استخدامه في عام 1948 لإفراغ القرى الفلسطينية من سكانها لصالح إقامة المستوطنات، فيما تُستخدم اليوم سياسة التهجير الممنهج في قطاع غزة لإحداث تطهير عرقي وتغيير ديموغرافي.
اثنان. الظروف المعيشية المتدهورة، إذ يعيش النازحون اليوم أوضاعاً مشابهة لما شهده المهجّرون في النكبة من اكتظاظ، نقص مياه وغذاء، غياب الرعاية الصحية، انتشار الأمراض، وانعدام الخصوصية، وسط صمت دولي مريب.
ثلاثة. تحويل القضية إلى ملف إنساني، حيث يتم حصر قضية النزوح في إطار إنساني مجرد، دون الاعتراف بجذورها السياسية والقانونية، بما يهدد بمأسسة التهجير القسري وتحويله إلى واقع دائم.
رابعاً: الإطار القانوني – التهجير كجريمة دولية
بيّنت الورقة أن التهجير القسري للفلسطينيين يعد انتهاكًا خطيرًا لاتفاقيات جنيف الرابعة، لا سيما المادتين تسعة وأربعين ومئة وسبعة وأربعين، ويصنّف كجريمة ضد الإنسانية وجزء من جريمة الإبادة الجماعية. كما شددت على أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمّل المسؤولية القانونية في حماية المدنيين، لكنه يواصل تنفيذ سياسة ممنهجة تهدف إلى تهجير سكان غزة قسرًا، وسط غياب أدوات الحماية والمساءلة الدولية.
خامساً: التحديات الإنسانية الراهنة
تطرقت الورقة إلى جملة من التحديات الإنسانية التي يعاني منها سكان غزة اليوم، أبرزها:
- المأوى، حيث يعيش أكثر من مليون وتسعمئة ألف نازح في خيام أو مراكز إيواء دون حماية من العوامل الجوية أو القصف.
- الغذاء والمياه، حيث تعاني غزة من نقص حاد في الغذاء والمياه نتيجة تدمير شبكات المياه ومنع دخول المساعدات، ما أدى إلى انتشار المجاعة والأمراض والتعطيش.
- الرعاية الصحية، إذ يواجه القطاع انهيارًا تامًا في النظام الصحي، مع نقص حاد في الأدوية والعلاجات الأساسية.
- التعليم، حيث توقفت العملية التعليمية بسبب تحويل المدارس إلى مراكز إيواء أو تدميرها بالكامل.
- الفقر والبطالة، حيث يعاني سكان القطاع من شلل اقتصادي تام وارتفاع غير مسبوق في معدلات الفقر.
- الاعتماد الكامل على المساعدات الدولية في ظل غياب أي مقومات اقتصادية أو سيادية محلية.
سادساً: بدائل سياساتية مقترحة
قدّمت الورقة جملة من التوصيات والبدائل السياساتية، منها:
- التوصل إلى وقف إطلاق نار فوري ومستدام بضمانات دولية.
- رفع الحصار وفتح المعابر والممرات الإنسانية لتسهيل دخول المساعدات والوقود والمستلزمات الطبية، وضمان حرية التنقل.
- توفير حماية دولية للمدنيين الفلسطينيين ومساءلة الاحتلال أمام القضاء الدولي.
- دعم جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية وتوحيد الصف لمواجهة جرائم الإبادة والتهجير.
- تثبيت المواطنين وتعزيز صمودهم، ورفض كافة مشاريع التوطين أو التهجير القسري، والتمسك بحق العودة.
أكدت الورقة في الختام أن خيام غزة اليوم تُظهر بشكل صارخ استمرار نكبة لم تنته، بل تتفاقم في ظل السياسات الاستعمارية الإسرائيلية. كما كشفت عن العجز الدولي في مواجهة هذه السياسات، الأمر الذي ينذر بخطر ترسيخ التهجير القسري كأمر واقع وتحويله إلى نكبة جديدة للفلسطينيين.
ودعت الهيئة الدولية “حشد” في ختام الورقة المجتمع الدولي، وكافة القوى السياسية والحركات الشعبية الفلسطينية والعربية، وأحرار العالم، إلى التحرك العاجل لوقف حرب الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وإجبار الاحتلال على احترام التزاماته القانونية، ودعم جهود إعادة الإعمار، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، بما يضمن عودة المهجّرين إلى ديارهم وإنهاء الاحتلال الاستعماري.