ورقة تحليل السياسات: دور الشباب الفلسطيني في الانتخابات
دور الشباب الفلسطيني في الانتخابات
مقدمة
تعد الانتخابات مؤشراً مهماً على وجود نظام سياسي ديمقراطي، يتيح للمواطن المشاركة في الانتخابات واختيار ممثليه في تسيير خدماته العامة، ولا سيما في دورية الانتخابات واستمراريتها، الأمر الذي يدفعه إلى الشعور بفاعلية أكثر ومسؤولية أعمق تجاه مجتمعه.
وتكتسب مشاركة الشباب في الانتخابات أهمية كبيرة مستمدة من مشاركة ومساهمة الشباب في تشكيل السياسات العامة والتشريعات، وتتجلى هذه الأهمية وتتضاعف بالنسبة للمجالس المحلية التي ستتيح الفرصة لتطبيق تلك التشريعات والسياسات إلى واقع ملموس، إضافة إلى أن المجالس المحلية تمس وبشكل مباشر واقع الحياة المعاش والاحتياجات الضرورية للمواطن من خدمات كالمياه والصحة العامة وخدمات الصرف الصحي وتصاريح البناء للمنازل والمشاريع ومشاريع البنية التحتية وتطوير المدن.
أولًا: واقع الشباب الفلسطيني
تعتبر فئة الشباب هي الفئة الأكثر تأثيرًا في المجتمع الفلسطيني، والقوة الكامنة القادرة على صنع التغيير وبناء المستقبل، إذ يشكلون المورد الوحيد والاستثمار الحقيقي للشعب الفلسطيني، لذا يتوجب على كافة مؤسسات المجتمع (الحكومية, الخاصة والأهلية) الاستثمار بهذه الفئة من أجل إحداث تنمية حقيقية ومستدامة, حيث أن عدم الاستثمار في هذه الفئة المنتجة وتركها دون الرعاية المطلوبة سوف ينعكس سلباً على المجتمع وعلى هدف تحقيق التنمية, خاصة وأن تهميش طاقات الشباب وتركهم دون تمكين يحولهم إلى عناصر هدامة للتنمية في الحاضر والمستقبل(1) .
30% من المجتمع الفلسطيني شباب
يمثل الشباب شريحة كبيرة من المجتمع الفلسطيني الذي يصنف على أنه مجتمع فتي، إذ تشير البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عشية يوم الشباب العالمي 2016، أن نسبة الشباب في فلسطين من الفئة العمرية (29-15) عامًا، تشكل 30% من إجمالي السكان المقدر بنحو 4.82 مليون نسمة في منتصف العام 2016، ومن بين هذه الفئة 37% في الفئة العمرية (19-15) عامًا، و63% في الفئة العمرية (29-20) عامًا، ويتوزعون بحسب الجنس بواقع 104.1 ذكور لكل 100 أنثى (2).
72% من الأسر الفلسطينية لديها شاب واحد على الأقل
تشير بيانات مسح الشباب الفلسطيني 2015، إلى أن 72% من الأسر الفلسطينية لديها شاب واحد على الأقل، بواقع 71% في الضفة الغربية 74% في قطاع غزة. كما أشارت إلى أن 37% من الشباب ملتحقون حالياً بالتعليم، بواقع 36% في الضفة الغربية 38% في قطاع غزة.
وأظهرت النتائج أيضاً أن نسبة الشباب الذين أنهوا مرحلة التعليم الجامعي “بكالوريوس فأعلى” قد بلغت 13% (11% للذكور مقارنة مع 14% للإناث) من إجمالي الشباب في هذه الفئة.
وأشارت إلى أن 5% من الشباب في فلسطين انقطعوا عن الدراسة لفترة تزيد عن أربعة شهور خلال التحاقهم بالتعليم بواقع 5% في الضفة الغربية مقابل 6% في قطاع غزة(3).
45.6% من الشباب الفلسطيني في صفوف البطالة
فقد سُجلت أعلى معدلات للبطالة في صفوف الشباب من الفئة العمرية (24-20) عامًا، حيث بلغت 45.6% في الربع الثالث 2016 (4)، وهذا يوحي أن نسبة كبيرة من العاطلين عن العمل هم من الداخلين الجدد لسوق العمل، بالإضافة إلى أن ارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب يدفع العدد الأكبر منهم للتفكير بالهجرة، وبالتالي خسارة الموارد البشرية الشبابية التي تعتبر عماد المجتمع الفلسطيني وعنصرًا أساسيًا في عملية تحقيق النمو الاقتصادي.
وفي هذا السياق تشير العديد من تقارير منظمة العمل الدولية إلى تأثير الخسائر المترتبة على بطالة الشباب، ليس على الاقتصاد في مجمله فحسب، بل على قطاعات ومؤسسات محددة بشكل أكثر حدة، فهذه البطالة تعني بالنسبة للحكومات أن الاستثمارات في مجال التعليم والتدريب قد ذهبت سدى وأن قاعدة عائداتها الضريبية تدنت وأن تكاليف الرعاية الاجتماعية قد ارتفعت وأن تأييد ناخبيها من الشباب قد تضاءل (5).
وبالنسبة إلى منظمات العمال، فإن بطالة الشباب تعني فقدان عضوية محتملة لضمان حقوق أفضل وظروف عمل وحماية محسنة، إضافة إلى ذلك قد تؤدي مستويات البطالة المرتفعة والمتزايدة بين الشباب إلى عدم الاستثمار الاجتماعي وإلى ازدياد تعاطي المخدرات وارتكاب الجرائم، كما تسهم بطالة الشباب وندرة الوظائف في رفع مستويات الفقر (6).
وإذا كانت بطالة الشباب تترك آثاراً بالغة الضرر على الاقتصاد والمؤسسات فإن توفر فرص العمل اللائق للشباب ومعالجة هذه البطالة، يؤدي إلى نتائج مضاعفة اقتصادياً واجتماعياً سواء على صعيد تحفيز الطلب الاستهلاكي أو زيادة العائدات الضريبية والنجاة من دائرة الفقر وتكوين الأسر والإسهام الفاعل في نشاط المجتمع.
أمام هذا الارتفاع في معدلات البطالة وفي ظلّ عدم قدرة القطاع العام من استيعاب هذا الكم من العاطلين عن العمل ، نتيجة تدنّي إنتاجيته، ومعاناته من البطالة المقنّعة، وبسبب الأوضاع السياسيّة المحليّة والدوليّة، الّتي تسبّبت في إغلاق أسواق العمل الخارجيّة أمام العمالة الفلسطينيّة، بالإضافة إلى سياسة الحصار والإغلاق المستمرّ، الّتي فرضتها إسرائيل على قطاع غزة، بجانب الاعتداءات المتكرّرة خلال السنوات الأخيرة، فإنّ القطاع الخاص يصبح الملاذ الوحيد المعوّل عليه في حلّ مشكلة بطالة الشباب، خاصّةً وأن عرض العمالة في تزايد مستمرّ، خصوصاً من خرّيجي الجامعات والمعاهد العليا.
إن نجاح القطاع الخاص في حل مشكلة بطالة الشباب يتطلب تدخّل الحكومة الفلسطينية بشكل قوي وفعّال، لتعزيز دور القطاع الخاص كفاعل هام وأساسي في عمليّة التشغيل، من خلال إقامة علاقة شراكة حقيقيّة بين القطاعين العام والخاص، تستند إلى تكامل الأدوار بينهما، وذلك للشروع في معالجة التشوّهات الهيكليّة طويلة المدى في سوق العمل.
كذلك ضرورة العمل على ربط الجهد الإغاثي بالنشاط التنموي، بحيث تتّجه الحكومة إلى توجيه نشاطات الإغاثة نحو القطاعات والنشاطات الاقتصاديّة الإنتاجيّة، الّتي تخلق طلباً كبيراً على العمالة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى العمل على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من خلال إنشاء صندوق يرعى برامج الإقراض التنموي لهذه المشاريع، وتقديم التسهيلات الائتمانيّة والخدماتيّة، والمساعدات الفنيّة والتدريبيّة، والاستشارات التسويقيّة لهذه المشاريع.
كما يجب التركيز على إصلاح النظام التعليمي والتدريبي، من خلال ربط نظام التعليم والتدريب المهني، باحتياجات أسواق العمل المحليّة والخارجيّة، وتوفير برامج تدريبيّة متنوّعة ومتطوّرة لرفع كفاءة القوى العاملة، وتوفير برامج لإعادة تدريب العاطلين عن العمل لتحسين مهاراتهم وقدراتهم الفنية والعملية، والعمل على توفير البيئة الاستثماريّة الملائمة والمحفّزة، والجاذبة للاستثمارات المحلّيّة والأجنبيّة.
فرق جوهري بين الذكور والإناث الشباب حسب مستوى السنوات الدراسية
فقد سجلت الإناث اللواتي أنهين 13 سنة فأكثر أعلى معدلات بطالة حيث بلغت 54.4% من إجمالي الإناث المشاركات في القوى العاملة لهذه الفئة، في المقابل بلغ معدل البطالة للذين أنهو 13 سنة فأكثر من الذكور نحو 20% من إجمالي المشاركين في القوى العاملة لنفس الفئة (7).
مما يدل على أن هناك فرق جوهري بين الذكور والإناث العاطلين عن العمل بالعلاقة مع سنوات الدراسة، إذ في حين تنخفض بين الذكور مع ارتفاع سنوات الدراسة، فإن الصورة معكوسة عند الإناث.
وعليه يمكن القول أنه ما يزال الفرق بين الذكور والإناث في معدلات البطالة كبيراً لصالح الذكور، وهذا الأمر يتسبب في التفكك الاجتماعي وعدم تحقيق العدالة والتكافؤ في الفرص الاقتصادية، لذا فإن التباين والتفاوت القائم في المجتمع بسبب اختلاف الجنس يشكل تحدياً جوهرياً أمام تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في المجتمع الفلسطيني، خاصة وأن متطلبات تحقيق التنمية الشاملة في المجتمع تتطلب بذل مزيد من الجهود لتعزيز التماسك الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية والتكافؤ في الفرص الاقتصادية وجسر التباين والتفاوت القائم في المجتمع.
معدلات البطالة في صفوف الشباب الخريجين مرتفعة
وبالنظر في مسح القوى العاملة للربع الثالث 2016 نلاحظ أن معدلات البطالة بين الخريجين الشباب مرتفعة، وتنتشر في جميع التخصّصات، حيث بلغ معدل البطالة بين الخريجين الشباب في فلسطين 35% خلال الربع الثالث 2016، بواقع 44% في قطاع غزة و28.2% في الضفة الغربية، وقد سجل الخريجون تخصص العلوم التربوية وإعداد المعلمين أعلى معدل للبطالة في فلسطين بنسبة 49.8%، بينما سجل الخريجون تخصص القانون أدنى معدل بطالة بنسبة 15.2% (8).
ويمكن تفسير ارتفاع معدّلات البطالة في جميع التخصّصات، إلى أنّ سوق العمل الفلسطيني يعاني من التوسّع الكمّي في مؤسّسات التّعليم ومخرجاته، فقد أدّى تزايد الرغبة والإقبال على التعليم العالي، إلى استقبال أعداد متزايدة من الطلّاب، دون النظر إلى الحاجة إليهم بعد التخرّج، ودون النظر إلى الأعباء الماديّة الّتي تتحمّلها الدّولة في مواجهة هذا الموقف من تكاليف باهظة.
بالإضافة إلى أنّ هذا التزايد المستمرّ في أعداد الخرّيجين، تزامن مع تدنّي القدرة الاستيعابيّة لسوق العمل الفلسطيني، ومحدوديّة حجم هذا السوق، وعدم قدرته على استيعاب معدّلات النموّ المتسارعة في قوّة العمل الفلسطينيّة (9).
ثانياً: الشباب والمشاركة في الانتخابات
تعد الانتخابات من أهم مؤشرات قياس دور الشباب ومكانتهم وقدرتهم على إحداث التغيير، سواء عبر المشاركة في عملية الاقتراع أو الترشيح الفعلي، فقد شهدت الساحة الفلسطينية مشاركة كبيرة من الشباب في كل من الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية.
- الانتخابات الرئاسية:
عمليًا استبعد النظام الأساسي الفلسطيني الشباب من إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية، فقد نصت الفقرة 2 من المادة 12 من قانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2005 على ضرورة أن يكون المرشح للانتخابات الرئاسية قد أتم الأربعين أو أكثر في اليوم المحدد لإجراء الاقتراع، ولكن على رغم ذلك لعب الشباب دورًا محوريًا ومؤثرًا في عملية التصويت لاختيار رئيس للسلطة الفلسطينية في عامي 1996، و2005 على التوالي (10).
- الانتخابات التشريعية:
مثلت الانتخابات التشريعية عام 1996 التجربة الفلسطينية الأولى لاختيار ممثلي الشعب الفلسطيني داخل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، الأمر الذي أدى إلى انتخاب 88 نائبًا في المجلس التشريعي، حيث كان من بين الفائزين ما مجموعه 15 شابًا دون سن الأربعين، أما الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006، فقد ترشح لها 122 شابًا (18 أنثى و104 ذكور) على مستوى الدوائر والقوائم من أصل 728 مرشحًا، وكانت النتيجة فوز ما مجموعه 18 شابًا منهم أنثيان و16 ذكر من أصل 132 عضو هم مجموع المجلس التشريعي.
وتوزع الشباب الفائزون على كتلتي “حماس” و”فتح” ولم تسجل القوائم الأخرى نجاحًا لأي شاب، علمًا بأن عدد المرشحين حسب نظام القوائم كان 68 مرشحًا، ومن ناحية أخرى فقد برزت مشاركة الشباب واضحة في عملية الاقتراع لهذه الانتخابات حيث شارك 696406 شابًا في عملية الاقتراع من أصل 1042424 مقترعًا (11).
- الانتخابات المحلية
تشير الاحصاءات الخاصة بلجنة الانتخابات المركزية إلى أن هناك تقدمًا ملموسًا لافتًا في مستوى مشاركة الشباب في عملية الترشح للانتخابات المحلية التي تمت بمراحلها الأربع، فقد ترشح ما مجموعه 2954 شابًا منهم 761 من الإناث و2193 من الذكور، وقد فاز ما مجموعه 870 شابًا منهم 171 من الإناث و699 من الذكور مع العلم أن هذه الانتخابات قد جرت لانتخاب 263 مجلسًا محليًا وبلدية في الضفة الغربية وقطاع غزة (12).
وحول إمكانية مشاركة الشباب بأي استحقاق انتخابي قادم، واستنادًا إلى نتائج مسح الشباب 2015، أفاد 40% من الشباب في الفئة العمرية (29-15) عامًا بأنهم سيشاركون في الانتخابات، بواقع 29% في الضفة الغربية و57% في قطاع غزة، في حين أفاد 29% بأنهم ربما يشاركون، و13% ربما لا يشاركون، و18% قطعًا أنهم لن يشاركوا، بواقع 16% في الضفة الغربية و21% في قطاع غزة (13).
وتشير نتائج المسح إلى أن نسبة كبيرة من الشباب في فلسطين لا يولي اهتمام بالمشاركة بأي استحقاق قائم نتيجة الوضع السياسي المتأزم وعدم إجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية في أوقاتها المحددة وغياب دور الشباب في المشاركة السياسية الفاعلة والحقيقية الجادة، الأمر الذي يتطلب بذل مزيد من الجهود لتوعية الشباب بضرورة المشاركة في الانتخابات والعملية الانتخابية لا سيما أولئك الذين لم يسبق لهم المشاركة في الانتخابات، كونهم بناة المستقبل والقادرون على التغيير في المجتمع نحو الأفضل.
ثالثاً: التحديات التي تواجه الشباب
الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للشباب الفلسطيني مرير نتيجة المشاكل التي تواجه قطاع الشباب الفلسطيني، وفيما يلي أبرز التحديات التي تواجه الشباب في فلسطين:
التحديات الاقتصادية
تتمثل التحديات الاقتصادية التي تواجه الشباب الفلسطيني في ارتفاع معدلات البطالة وخاصة في صفوف الخريجين الجامعيين، وارتفاع أسعار السلع، والحصار الاقتصادي المفروض على قطاع غزة منذ العام 2006، وانخفاض مستوى المعيشة، وارتفاع أجور المواصلات، وتدني مستوى الرواتب والأجور، وعدم توفر الاحتياجات المعيشية الأساسية، والعمل في مجالات خارج نطاق التخصص الأكاديمي، والفساد الإداري والمالي في المؤسسات الحكومية، ومحدودية الدعم المقدم للمؤسسات الشبابية، ومحدودية ما يخصص لتنمية وتطوير الشباب في موازنة الحكومة الفلسطينية، وظاهرة الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الأهلية (14) .
التحديات السياسية
تتمثل التحديات السياسية التي تواجه الشباب الفلسطيني في ظاهرة الفئوية الحزبية في أوساط الشباب، والقيود على حرية التنقل والسفر، وضعف استثمار الأحزاب السياسية لطاقات الشباب، وضعف دور المجلس التشريعي في معالجة قضايا الشباب، وعدم توفر قانون فعال ومتكامل يحمي الشباب ( هنالك قانون الشباب الفلسطيني رقم02 لسنة 2011، المقر بناء على قانون إنشاء مجلس أعلى لرعاية الشباب والتربية الرياضية بقطاع غزة رقم (13) لسنة 1965) واتصاف التشريعات الفلسطينية بعدم استجابتها لاحتياجات الشباب، وعدم وضوح ملامح استراتيجية تنظم دور مؤسسات المجتمع المدني في معالجة قضايا الشباب، ومحدودية فرص تقلد الشباب في المناصب العليا، والقيود التي تواجه الشباب في مجال حرية الرأي والتعبير، وضعف الممارسات الديمقراطية داخل المؤسسات الحكومية وداخل الأحزاب السياسية، وغياب فئة الشباب عن قيادة المؤسسات الشبابية، وضعف القيادات الشبابية، وضعف الممارسات الديمقراطية داخل المؤسسات الأهلية، وضعف المشاركة السياسية (15).
التحديات الاجتماعية
التحديات الاجتماعية التي تواجه الشباب الفلسطيني تتمثل في اتساع دائرة الفقر في أوساط الشباب، وارتفاع تكاليف الزواج، والتعصب في أوساط المجتمع الفلسطيني، والتعصب في أوساط الشباب، والتميز في المجتمع الفلسطيني على أساس الخلفية السياسية، ومحدودية فرص مناسبة لاستغلال أوقات الفراغ، والعنف في المجتمع، وثقافة حب الذات وتضخيم الذات، وغياب ثقافة الحوار، والعشائرية والقبلية، والتدخل في زواج الأبناء والبنات، وقلة الأجسام الشبابية الضاغط، وثقافة الاستعراض، وتجاهل حقوق المتطوعين من قبل مؤسسات المجتمع المدني، وضعف دور الشباب في قيادة الإصلاح المجتمعي، والتمييز على خلفية موقع الإقامة، والمشكلات داخل الأسرة، وظاهرة كراهية الآخر، وسيادة المجتمع الأبوي أو التسلطي، والتمييز في مجال الميراث وخاصة للفتيات، والتمييز على خلفية الجنس، والعنف داخل الأسرة، والعنف ضد المرأة (16).
رابعًا: الآليات اللازمة والتوصيات
إن تعزيز مكانة الشباب الفلسطيني في صناعة القرار تكتسب أهمية خاصة بالمجتمع الفلسطيني الذي يتميز بكونه شاباً وفتياً الذي سيساعد عبر قيادة الشباب المساهمة في معالجة العديد من المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية القائمة.
وذلك من خلال استراتيجية شاملة للشباب تقوم على أساس تمكين الشباب في المشاركة السياسية وصناعة القرار باعتبار أن الشباب العنصر الأهم في عملية التنمية الحقيقية والمستدامة، ولتحقيق ذلك لابد من وجود مجموعة من الآليات منها:
- وجود مجموعة من التشريعات التي تقرر حقوق وحريات الشباب على سبيل المثال تخفيض سن الترشح إلى 25 سنة.
- وجود مؤسسات يقوم الشباب من خلالها ممارسة نشاطات فكرية وإبداعية ويشرف عليها الشباب أنفسهم للتصدي للعوامل المحبطة والمعيقة لنشاطهم وفعالياتهم وفي مقدمتها تجاوز الحزبية المقيتة والفئوية الضيقة.
- وجود برامج وأنشطة خاصة بقضايا التمكين وبناء القدرات، ووجود دعم حكومي لمشروعات الشباب الريادية.
ومن خلال التجارب السابقة للانتخابات الفلسطينية سواء التشريعية والمحلية (البلديات) التي لم تفرز قيادات شابه في هذه المجالس نتيجة الاستقطاب الحاد بين الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية الذي انعكس على كافة قطاعات المجتمع بما في ذلك الشباب وانخراطهم في هذه الأحزاب مما ترتب على ذلك آثار سلبية على الوحدة الوطنية والتماسك داخل المجتمع الفلسطيني وتعميق الشرخ بين مكونات المجتمع وبروز حالة الانقسام الفلسطيني، الأمر الذي يضع الشباب أمام تحدي كبير، لذلك نقترح التوصيات الآتية:
- إعادة صياغة المعادلة على أسس جديدة تبدأ بخطوة أولى انتزاع أهم حق من حقوقهم وهو المشاركة في صناعة القرار.
- العمل على تحقيق حقوق الشباب العريضة في كافة المجالات والسعي جدياً لمعالجة المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
- ضرورة إنهاء الانقسام البغيض وتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة سياسيًا واجتماعيًا، لما لذلك من أثر ايجابي كبير على تحفيز الشباب في المشاركة في الانتخابات كنوع من انواع المشاركة السياسية.
- نشر الثقافة الوطنية وليس نشر الثقافة الحزبية الضيقة، والنهوض بالأحزاب من جديد ويكون لها هم وطني واضح، وأن تستطيع هذه الأحزاب أن تفتح ذراعيها للشباب ليأخذوا دورهم، وأن يكونوا مقنعين.
- ضرورة تنظيم الحملات التوعوية حول توعية الشباب الفلسطيني بأهمية مشاركتهم في الانتخابات وقدرتهم على إحداث التغيير نحو الأفضل، بالإضافة إلى أهمية مشاركتهم في الفعاليات الجماهيرية والاجتماعية من خلال المؤسسات الشبابية المتعددة، لما تلعبه هذه الحملات من تأثير على الشعب الفلسطيني وتشجيعهم للضغط على صناع القرار بإجراء الانتخابات.