اخبار صحفيةالرئيسيةمهم

خيارات ملاحقة ومحاسبة الاحتلال بعد حصول فلسطين على عضوية الدولة المراقب في الأمم المتحدة.

تمهيد:

يعود النقاش المتصل بإقامة دولة فلسطين في جذوره إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي ما يزال جاثمًا على الأرض الفلسطينية ، والذي ما يفتأ يحرم أبناء الشعب الفلسطيني من حقهم في تقرير مصيرهم. ففي هذا المضمار، يملك المجتمع الدولي توثيقا شبة كامل حول جرائم الاحتلال والانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي حتي تاريخه تواصل دولة الاحتلال ارتكابها بحق الشعب الفلسطين في خرق فاضح لقواعد القانون الدولي ، بما يشمله ذلك من انتهاك الحظر الذي يفرضه هذا القانون على الممارسات الكولونيالية الاستعمارية وأعمال الفصل العنصري والعقاب الجماعي وجرائم الحرب ، والتي تشكّل السمة التي لا تنفك عن الاحتلال الإسرائيلي.

فقواعد القانون الدولي العام وقواعد القانون الدولي الانساني ، وضعت على عاتق الدول التزمات لا لبس فيها، تملي عليها عدم الاعتراف بسياسة الامر الواقع التي تفرضها سلطات الاحتلال الحربي من خلال الانتهاك الجسيم والمنظم لقواعد القانون الدولي الانساني في الاراضي الفلسطينة، اضافة الي التزمات هذه الدول بالتعاون على نحو فعال وناجع في سبيل وضع حد للانتهاكات والجرائم التي تقترفها سلطات الاحتلال وملاحقه مقترفيها بموجب مبدا الولاية القضائية الدولية . والدولة لا تتاثر بقيام الاحتلال الحربي على إقليمها، ولا ينفي الاحتلال وجود الدول ولا يحل محلها من الناحية القانونية، فالاحتلال لا يزيد تأثيره عن الحد من قدرة الدولة على ممارسة سيادتها على إقليمها وإعلان استقلالها عليه، فالسيادة تبقي على الإقليم المحتل، وفي جميع الأوقات، من حق سكان ذلك الإقليم، وقد جرى التأكيد على سيادة الشعب الفلسطيني واستقلاله،بالإضافة إلى حقوقه الجوهرية وغير القابلة للتصرف، في العديد من قرارات الأمم المتحدة وفي البيانات الرسمية التي جاءت على لسان عدد من الدول.

المكاسب المترتبة علي قبول فلسطين دولة مراقب

أولا :المكاسب القانونية

يمكن تصنيف المزايا التي تنشأ عن الارتقاء بالشخصية القانونية التي تكتسبها فلسطين على الساحة الدولية إلى ثلاث فئات، أولاهما يكفل انضمام فلسطين إلى المنظمات والمعاهدات الدولية وصولها إلى محافل دولية واجهزة ومؤسسات قضائية جديدة، بما فيها هيئات الأمم المتحدة المنشَأَة بموجب معاهدات ومن الإجراءات الخاصة التي تعملها، والاستفادة منها في عزل وادانة ومحاسبة إسرائيل عن انتهاكها لأحكام القانون الدولي وقواعده، والتي أقر بها الجميع ورصدتها المؤسسات الحقوقية الدولية والعربية والمحلية ، وأدانتها مختلف أجهزة الأمم المتحدة.

وثانيهما، زيادة الاحتمالات القائمة للبتّ في الادعاءات المرتبطة بالانتهاكات الواقعة على القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، واكتساب قدر أكبر من التأثير على مدى استعداد المجتمع الدولي لوضع حدٍ للانتهاكات التي ترتكبها دولة الاحتلال ، فهذا الانضمام له أهمية خاصة كونة ييسر وصول فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية، من خلال انضمام دولة فلسطين الى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ثالثهما،إنضمام دولة فلسطين إلى إتفاقيات حقوق الإنسان الدولية الامر الذي يسقط مزاعم الاحتلال الاسرائيلي بعدم سريان الاتفاقيات الدولية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والامر الذي يحسم مسألة العلاقة بين القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان ، باعتبارهما ينطبقان معاً على الحالة الفلسطينية في المناطق المحتلة؛ وبذلك يتم فضح سياسة الإحتلال العنصرية، الإستيطانية.. وإستنهاض الحالة الدولية في مواجهتها.

ومن الخيارات الأخرى التي ستصبح متاحةً أمام فلسطين طلب إصدار فتوى من محكمة العدل الدولية حول الصفة غير القانونية التي يكتسيها الاحتلال بسبب الانتهاكات التي لا تفتأ السلطات الإسرائيلية ترتكبها بحق القانون الدولي، بما يشمله من قانون الاحتلال الحربي والأحكام التي تحظر ممارسة الفصل العنصري والممارسات الكولونيالية الاستعمارية، وقضايا الاسري ، وقضايا اخري .

وكذلك قد تتأثر المؤسسات الحكومية الفلسطينية في الأرض الفلسطينية المحتلة، في ذات الوقت، بانضمام فلسطين إلى المعاهدات الدولية المنظَّمة بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وذلك من شأنه أن يحصّن الحالة الداخلية الفلسطينية ويقويها بإزاء مخاطر وإحتمالات إرتداد النظام السياسي الفلسطيني عن نهج الديمقراطية والتعددية وضمان الحريات العامة والخاصة والمساواة بين المواطنين ،كما انه يخضع عمل النظام السياسي للمراقبة والتدقيق الشامل من قبل هذه الاجهزة ، للتأكد من مدى حمايته لحقوق المواطنين الفلسطينيين الذين يخضعون لإختصاصه، ومدي احترامه لمعايير حقوق الانسان الواردة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة.

ثانيا المكاسب السياسية

تتعدد المكاسب السياسية للحصول على عضوية الدولة المراقب في الأمم المتحدة، بحيث يضعها في وضع تتساوى فيه مع غيرها من الدول، فقد حظت دولة فلسطين على صفة الشرعية في النظام القانوني الدولي، الامر الذي يجعلها تملك وضعٍ أفضل يمكّنها من المطالبة بحقوقها من المجتمع الدولي، وخاصة فيما يتصل بالوسائل التي تمكّنها من ممارسة الحق في تقرير المصير، وتحقيق عدد من المكاسب الإستراتيجية المرتقبة في حال قررت القيادة الفلسطينية الانضمام الي المعاهدات والأجسام الدولية. وافر القرار للفلسطينيون قدر أكبر من الدعم السياسي الذي سيمكنهم من ممارسة الضغط على المجتمع الدولي لكي يمتثل للمسؤولية الملقاة على عاتقه والتي يمليها ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي بشأن مسؤولية الدول والمادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف في وضع حدٍ لمخالفات دولة الاحتلال لقواعد القانون الدولي وأحكامه، بما يشمله ذلك من حث الأمم المتحدة على تعريف النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني على أنه يشكّل ‘تهديدًا للسِلم والأمن الدوليين، بغية السماح باستخدام مجموع التدابير التي تتيحها الأمم المتحدة ضد إسرائيل، وبما فيها لاحقا اللجؤ الي صياغة الاتحاد من اجل السلم لضمان ان تأخد الجمعية العامة في حال موافقة ثلثي اعضائها صلاحيات مجلس الامن ، وتقريبا هذا العدد من الدول يعترف بالدولة الفلسطينية، ولكنة يعني انه يتوجب على الفلسطينيين فتح ساحة اشتباك سياسيٍ وقانونيٍ مع الاحتلال وحلفائه في أروقة المنظمة الدولية.

وهذا سيمكن القرار الفلسطينيون من الاستفادة من الآليات الدولية والسياسية التي تكفل إخضاع دولة الاحتلال للمساءلة والمحاسبة عن انتهاكات القانون الدولي التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الاسرائيلي التي لم تزل تستفيد حتى هذه اللحظة ، من وضعٍ يضمن لها الإفلات من العقاب ويوفر لها “الحماية” ، حيث لا تزال العدالة الدولية رهينة لسياسة (طاولة المفاوضات) او ما يسمي بعملية السلام العقيمة التي اسيئ تسميتها، والتي تسمح لدولة الاحتلال بالتهرب من التزاماتها الواردة في قواعد القانون الدولي الانساني، إضافة الي امعانها في التنكر لكافة القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية والفلسطينية ،يساعدها في ذلك الانحياز شبة الكامل من قبل الولايات المتحدة الامريكية، وصمت المجتمع الدولي على جرائم الاحتلال ، وضعف العامل العربي.

ومع كل التحديات التي اشرنا اليها والتي تحول دون تجسيد الدولة الفلسطينية العتيدة، فالصراع مع العدو لا يدور على قاعدة حقوق وباطل وإنما على قاعدة ميزان قوي .إلا اننا نستطيع القول بان عضوية الدولة المراقب سيتيح للفلسطينيين عدد من المكاسب الدبلوماسية والكفاحية ، والتي ظهرت بعض اثارها في رفع تمثيل دولة فلسطين في عدد كبير من الدول كما سمح القرار بزيادة حملة المقاطعة الدولية الثقافية والاقتصادية لبضائع المستوطنات واستدعاء عدد من الدول الاروبية لسفراء دولة الاحتلال ، كما ظهرت اثر اخري تمثلت في كسب مزيد من التعاطف والتضامن الشعبي والرسمي مع حقوق الشعب الفلسطيني الغير قابلة للتصرف ، كما اتاح القرار للفلسطينيين الحصول على مزيد من الحماية لحقوقنا والإدانة للاحتلال في كافة الاجسام الدولية التي تمنحنا العضوية المراقب حق الانضمام لها .

ثالثا : مسئوليات الاحتلال الجنائية والمدنية وخيارات الملاحقة القانونية

ظلت عقبات كثيرة تعترض العقل القانوني، سواءً على الصعيد السياسي أو الواقعي، لخوض معركة محفوفة بكل العراقيل والتي ليس اقلها مؤامرة الصمت من قبل الامبريالية العالمية ، يضاف إلى ذلك عدم إبلاء مؤسسات المجتمع المدني الدولية ما يستحقه هذا الأمر في الحشد والتعبئة، وبالتالي في تكوين رأي عام مساند للفكرة، فحتى الآن لم تصبح مسألة ملاحقة مجرمي الحرب هما لكل نشطاء ومناضلي العالم ، وطالما هناك تقاعساً أو نكوصاً رسمياً أو حسابات خاصة تحول دون ملاحقة المرتكبين لتقديمهم إلى القضاء الدولي، وخاصة في ظل ان هناك اتجاه يقول بأنه لا يتعين الحديث عن محاكمات لمجرمي الحرب حرصا على إنجاح المفاوضات وجهود عملية السلام، بالرغم من ان التجربة الفلسطينية قد اكدت سابقا بأن التضحية بحقوق الإنسان سوف يزيد ويعطي الاحتلال الاسرئيلي مزيد من الوقت والحصانة لاستمرار الجرائم والعدوان على شعبنا ومقدراته.

لذا فان الانضمام اتفاقيات حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ولمحكمة الجنائيات الدولية بات ضرورة وخاصة اثر حصول فلسطين على عضوية الدولة المراقب في الامم المتحدة خصوصاً وأن مبدأ العقوبة فردية، ولكن ذلك ضمناً سيعني تحميل إسرائيل والولايات المتحدة المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية عن كل ما حصل وما يحصل في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، لاسيما بحق السكان المدنيين الأبرياء والعزل.

وينبغي اعتبار الانضمام الي محكمة الجنائيات الدولية والاتفاقيات والأجسام الدولية المعنية عملا تحضيريا لسيناريو قادم في المستقبل، لهذا السبب يحق لنا الحلم بان نري مجرمي الحرب الاسرئيلين ملاحقين ويقدموا الي المحاكم الدولية ، ولعلنا في ذلك نبحث عن الحقيقة، وعن العدلة والمثل والحب والمساواة والحرية وحقوق الانسان، ولعل الحلم هو الذي يمنحنا هذه القدرة العجيبة على التواصل، رغم كلِّ ما حصل ويحصل لنا، على المستوى العام والخاص، لكن قدرتنا على الحلم تعطينا نوعاً من الأصرار على المواصلة وثقة واطمئناناً لمواجهة التحديات ولرؤية أحلامنا وهي تتجسد على أرض الواقع، رغم أن كل ما حولنا مدعاة للتشاؤم، لكن التشاؤم لا يعني اليأس، انه يعني الاعتراف بأن التغيير ضرورة لا مفرّ منها، فلازلنا في دولة فلسطين ( تحت الاحتلال ) ولكن قلوبنا النابضة بالحياة تحلم بمحكمة كل من أجرم بحق شعبنا والانسانية .وينبغي ان تدرك دولة الاحتلال بأنها عليها ان تدفع ثمن الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الفلسطينيين، الأمر الذي يتطلب تهيئة المستلزمات الضرورية للشروع بملاحقة مجرمي الحرب و من يساندهم،ومتابعة ذلك في كافة المحافل الدولية.

1- مسئوليات الاحتلال الجنائية

تنص المادة 146من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وقت الحرب وتحت الاحتلال لعام 1949 على أن تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية، المبينة في المادة التالية: ” يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها، وبتقديمهم إلى محاكمة، أيا كانت جنسيتهم . وله أيضا، إذا فضل ذلك، وطبقا لأحكام تشريعه، أن يسلمهم إلي طرف متعاقد معني آخر لمحاكمتهم ما دامت تتوفر لدى الطرف المذكور أدلة اتهام كافية ضد هؤلاء الأشخاص ، وعلى كل طرف متعاقد اتخاذ التدابير اللازمة لوقف جميع الأفعال التي تتعارض مع أحكام هذه الاتفاقية بخلاف المخالفات الجسيمة المبينة في المادة التالية: ” وينتفع المتهمون في جميع الأحوال بضمانات للمحاكمة والدفاع الحر لا تقل ملاءمة عن الضمانات المنصوص عنها بالمواد 105 وما بعدها من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسري الحرب، المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949 “.

وتعرف المادة 147 المخالفات الجسيمة بأنها ” ما يتم اقترافه ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية: القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي علي الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقا للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية، وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات علي نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلي نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية “.

وتعتبر انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي مثل قتل المدنيين عمدا وخارج نطاق القانون أو بشكل متعمد، والحصار، والعدوان ومصادرة أو تدمير الممتلكات الخاصة والعامة على نطاق واسع لا تبرره الضرورات الحربية، من الانتهاكات والمخالفات الجسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة بشان حماية المدنيين زمن الحرب لسنة 1949، وقد اعتبرت المادة الخامسة من البرتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1977، والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية. إن الانتهاكات والمخالفات الجسيمة للاتفاقية والبرتوكول تعد جرائم حرب.

كما حددت المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1988 نطاق جرائم الحرب لتشمل، بالإضافة إلى الحالات المذكورة أعلاه، تعمد شن هجوم مع العلم المسبق أنه سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو إلحاق أضرار مدنية، تعمد توجيه هجمات ضد المباني الدينية أو العلمية أو الخيرية أو المستشفيات، قتل أفراد منتمين إلى دولة معادية أو أصابتهم غدراً، والاعتداء على كرامة الشخص أو الحط من كرامته. وبموجب المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة، ” يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو الأمر باقترافها، وبتقديمهم إلى المحاكمة أيا كانت جنسيتهم “.

وبموجب المادة 86 من البرتوكول الأول تترتب مسؤولية مباشرة وجماعية تقع على عاتق الدول الأعضاء في اتفاقية جنيف الرابعة، والتي من واجبها التحرك لمواجهة الأطراف التي تتعمد خرق أحكام هذه الاتفاقية ( سلطات الاحتلال )، وذلك بأن: ”

تعمل الإطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع على قمع الانتهاكات الجسيمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع كافة الانتهاكات الأخرى للاتفاقيات ولهذا البروتوكول التي تنجم عن التقصير في أداء عمل واجب الأداء “.

ووفقاً للمادتين 27 و 28 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يكون القادة العسكريون مسئولين جنائياً عن الجرائم التي يرتكبها الجنود الخاضعون لإمرتهم وسيطرتهم الفعلية. كما قد يتعرض رؤساء الدول أو أعضاء الحكومات للعقاب الجنائي إذا ارتكبت جرائم حرب بناء على أوامر صادرة منهم حتى وإن كان القانون الوطني لا يعاقب على مثل هذا العمل، فالصفة الرسمية ليست سبباً في تخفيف العقوبة.

وقد شهد العالم مجموعة من السوابق القضائية الدولية بشأن محاكمة أشخاص ارتكبوا جرائم حرب أو أمروا بارتكابها. من ذلك محاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية ( محاكم نورمبرغ )، ومحاكمة مجرمي الحرب في كل من يوغسلافيا وروندا. وتتنوع أشكال المحاكمة، فقد تكون أما محاكم خاصة مؤقتة تشكل لمحاكمة أشخاص معينين في مكان معين ووقت معين بسبب ارتكاب جرائم معينه، أو المحاكمة أمام القضاء الوطني في الدول التي تكون طرفاً في اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تجيز قوانينها الوطنية تلك المحاكمات.

كما يحق للأطراف المتضررة من الانتهاكات الجسيمة وفق المادة 88 من البرتوكول الإضافي الأول، ملاحقة الآمرين بارتكاب مثل هذه الجرائم ومرتكبيها ومسائلتهم كمجرمي حرب. وتعتبر جرائم الحرب من الجرائم التي لا تسقط بمرور الزمن أو التقادم، وفقا لاتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية لعام 1968، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1988.

إن ملاحقة المسئولين الإسرائيليين وقادة الاحتلال عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق المدنيين الفلسطينيين تقتضي رصد هذه الانتهاكات وتوثيقها في ملفات رسمية، تتضمن الأدلة المادية التي تثبت ارتكابها وإسنادها للمسئولين عنها، ومتابعة تقديم مجرمي الحرب إلى القضاء الدولي لمعاقبتهم على ما اقترفوه من جرائم بحق الفلسطينيين وضد الإنسانية.

2- الخيارات والآليات القانونية المتاحة

اخذت اتفاقيات جنيف بمبدأ مسؤولية الفرد الجنائية عن الافعال التي يأتيها بالمخالفة لنصوصها وقد نصت المادة 12 من الاتفاقية وتقع المسؤولة الجنائية الدولية على الفرد ايا كان مركزه، فالمركز الرسمي لمقترف الجريمة لا يعفيه من المسؤولية والعقاب وهو ذات المبدأ الذي اقرته لجنة القانون الدولي والمحاكمة الجنائية الدولية لمجرمي حرب البوسنة من الصرب وقد نصت على “لا يعفى مقترف الجريمة الدولية من تحمل المسؤولية الدولية ولو كان قد تصرف بوصفه رئيسا للدولة او حاكما اثناء ارتكابها” وهذا ما اكدته المادة 129 من اتفاقية جنيف بقولها “يلتزم كل طرف من الاطراف المتعاقدة بالبحث عن الاشخاص المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات التي امروا بها” والاتفاقية هنا لا تكتفي بمسؤولية مرتكبي الجرائم بل تقرر مسؤولية الرؤساء الذين يأمرون بارتكابهما. وقد حددت اتفاقية روما المؤسسة لمحكمة الجنائيات الدولية بأنه لا يجوز محاكمة هيئات أو دول، واقتصرت على محاكمة أفراد مسؤولين حتى وإن كانوا رؤساء دول أو رؤساء حكومات (رؤساء وزراء) والمسؤولين الآخرين، بمن فيهم القيادات العسكرية العليا.

وبناء على ما سبق فنحن عندما نلجا الي ملاحقة قادة الاحتلال فأننا نستخدم حقوقنا المتاحة طبقا للقانون الدولي والاعراف الدولية وجرائم الاحتلال تكاد لا تعد ولا تحصى، وتكاد تكون ثابتة بادلة قطعية، والامر بايدينا، ملف الجريمة امامنا ثابت وموثق، يبقى ان نستخدم عقولنا وارادتنا، فحق المحاكمة والملاحقة بات اكثر اتاحة لنا ، فحصول فلسطين على عضوية المراقب في الامم المتحدة يمكننا ان نطالب بتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق طبقا لنص المادة 90 من البروتوكول الاول الملحق باتفاقيات جنيف، ويعطني الحق في المطالبة بالتعويضات وتوقيع الجزاءات الجنائية، وهنا علينا تحدي الاحتلال في كافة المحافل الدولية وفي وسائل الاعلام ووالعمل على كسب الرأي العام العالمي، وفضح الاحتلال وسياسياته وكشف جرائمه الجنائية الدولية، انها فرصة دولية لنا للمطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب ، ولعل هناك أكثر من خيار قانوني دولي يمكن اعتماده لملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم الابادة الجماعية وجرائم الحرب وجريمة العدوان وتهديد السلم والأمن الدوليين، ولكن هذه الخيارات تعترضها عقبات لعل ابرازها يتمثل بمواقف الولايات المتحدة والقوى المتنفذة في نظام العلاقات الدولية التي حالت على مدى 65 عاماً من ملاحقة اسرائيل وتجريمها قضائياً بموجب أحكام القانون الدولي، ومع ذلك لا زال امام فلسطين خمسة خيارات للملاحقة القانونية سوف نوردها هنا : الخيار ألأول : العمل على إحالة قيادات الاحتلال الى المحكمة الجنائية الدولية، وهذا يتطلّب من دولة فلسطين سرعة الانضمام الي ميثاق روما المؤسس للمحكمة ، حيث يعتبر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، معاهدة دولية تلزم جميع الدول الأطراف، وذلك تطبيقًا للقاعدة العامة التي تقضي “بتقييد المتعاقد بتعاقده”[1] باعتبارها قاعدة أساسية في كافة الأنظمة القانونية، ويترتب عليها أن احترام المعاهدات أمر يعلو إرادة الدول المتعاقدة . وهنا يثار تساؤل، حول امكانية محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيلين عن الجرائم التي ارتكبت في فلسطين أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، وذلك في ظل رفض دولة “إسرائيل” الانضمام إلى المعاهدة الدولية المنشئة لهذه المحكمة؟

هنا نشير الي انه من حيث المبدأ، لا تخضع دولة “إسرائيل” بوصفها دولة غير طرف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، للولاية القضائية لهذه المحكمة تطبيقا لمبدأ “الأثر النسبي للمعاهدات الدولية” وانطباقها على أطرافها فحسب . غير أن هذا المبدأ تنظمه وتقيده العديد من الاستثناءت المقررة لصالح إعمال العدالة الجنائية الدولية، وعدم إفلات مرتكبي أشد الجرائم خطورة على المجتمع الدولي من العقاب، وإن إعمال الاستثناءات الواردة على المبدأ من شأنه أن يؤدي إلى إلزامية محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيلين أمام المحكمة الجنائية الدولية، وذلك استنادا على أن اختصاص القضاء الجنائي الدولي هو اختصاص مكمل لاختصاص القضاء الوطني، فإن الاختصاص ينعقد لقضاء دولة “إسرائيل” بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيلين، من الجنود والمدنين الذين ارتكبوا جرائم الحرب ، حيث أن القانون الدولي الإنساني يلزم دولة “إسرائيل” باتخاذ ما يلزم من إجراءات تشريعية وقضائية وتنفيذية لضمان المعاقبة على جرائم الحرب ، وذلك وفقا لنص المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة الملزمة لإسرائيل باعتبارها طرفا في هذه الاتفاقية وباعتبارها سلطة احتلال.

وهذا ما لم تقم به سلطات ودولة الاحتلال فاختصاص محكمة الجنائيات سيكون مكملاً للاختصاص القضائي الوطني، في حال كان النظام القضائي الوطني فاعل ونزيهة وذو مصداقية ويلتزم بالمعايير الدولة ، لذا نجد بان المحكمة بإمكانها ممارسة اختصاصاتها في حالتين، الاولى عند انهيار النظام القضائيوالثانية عند رفضه او فشله من القيام بالتزاماته القانونية بالتحقيق ومحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم، وهذا من تؤكده وقائع وتقارير المنظمات الحقوقية الفلسطينية والدولية وتقارير المقرر الخاص لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية وأيضا ما اكدته بعثة تقصي الحقائق بشان العدوان على قطاع غزة عام 2009، وبالنظر إلى أن السوابق التاريخية يتبين بأن دولة الاحتلال الاسرئيلي لم تقم بالوفاء بالتزماتها الدولية الخاصة بملاحقة ومحاكمة مجرمي الحرب من الجنود والمستوطنين الإسرائيلين عن الجرائم التي ارتكبت من قبلهم في حق الشعب الفلسطيني. فإن هذا يعني، أن دولة “إسرائيل” غير راغبة في محاكمتهم أو غير قادرة على ذلك لأي سبب من الأسباب، وهنا يأتي دور المحكمة الجنائية الدولية، بنظر هذه الجرائم ومعاقبة المتورطين فيها، يصبح اختصاصا إلزاميا. وذلك لأن الدول غير الأطراف في النظام الأساسي ومن بينها دولة “إسرائيل” يمكن أن تلتزم بأحكام هذا النظام قسرا في حاتين رئيستين([2])، تدور وجودا وعدما حول عجز الدولة غير الطرف في ملاحقة الجناة أو عدم رغبتها في محاكمتهم أو عدم قدرتها على ذلك لأي سبب من الأسباب، وهو الأمر الذي كان سببا في إحالة مجلس الامن ملف دارفور للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ورغم أن السوابق التاريخية لقرارات مجلس الأمن تنبئ بإحتمال فشل مجلس الأمن في إصدار قرار ملزم إحالة ملف جرائم الاحتلال الاسرائيلي إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب الفيتو الأمريكي.. إلا أن المحاولة في حد ذاتها سوف يكون لها مردود إيجابي بالنسبة للقضية الفلسطينية، وذلك من جهة كشف الجرائم غير الإنسانية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني ، وحشد مزيد من التأييد الدولي تجاه ضرورة الإسراع في تبني حل عادل لها، وتعرية سياسة الإزدوجية والكيل بمكاليين التي يتعامل بها مجلس الأمن مع القضايا العربية التي تتشابك فيها مصلحة العدو الإسرائيلي مع مصالح الإدارة الأمريكية المنحازة دائما لجانب دولة “إسرائيل”. الا انه يتبقي وفق ميثاق روما المؤسسة لمحكمة حالتين يمكن الزام دولة الاحتلال “إسرائيل” بالخضوع للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قسرا، هما: الحالة الأولى: اللجوء الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك وفقا للمادة 15 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يجوز للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يقوم من تلقاء نفسه بمباشرة التحقيق في الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة، وذلك دون الإحالة من قبل الدول الأطراف (مادة 13(أ) ، 14 ) أو من قبل مجلس الأمن (مادة 13ب ) أو دولة غير طرف (مادة 12/3). ولكن يجب على المدعي العام أن يقوم، قبل البدء في إجراءات التحقيق، بتقديم طلب مدعم بالمستندات المادية للدائرة التمهيدية للمحكمة (مادة 15/2) والحصول على موافقتها (م15/4) بأغلبية أصوات لا تقل عن 2 صوتين من واقع ثلاثة أصوات.

وهذا الخيار فشل سابقا رغم تقديم السلطة الفسطينية طلب قبول ولاية المحكمة على فلسطين ونظرا لتذرع المحكمة بعدم حصول فلسطين على عضوية الدولة باعتبار ان فلسطين لم تحصل على عضوية الدولة بعد، وقد قدم مدعي عام محكمة الجنائيات الدولية السابق اوكابمو توصية بان تعمل السلطة الوطنية على ترقية عضوية فلسطين في الامم المتحدة .

الحالة الثانية : هي طلب دولة عضو في ميثاق روما المؤسس للمحكمة من مدعي عام المحكمة فتح تحقيق بناء على طلب الدولة وهذا ما يتيحة الان حصول فلسطين على عضوية الدولة المراقب الامر الذي يتح لها التصديق على الميثاق وبما يعني اعترفا من دولة فلسطين باختصاص المحكمة ولايتها ، وهذا ما ينبغي الاسراع به وخاصة في ظل استمرار تنكر دولة الاحتلال الإسرائيلي لكافة قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي وانتهاكها المنظم لحقوق الانسان الفلسطيني وهنا نؤكد بانه لم يعد هناك مجال لمزيد من التباطؤ أو المخاوف من الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية او اتفاقيات جنيف، وعلى القيادة الفلسطينة عدم رهن التوجه الي المحكمة او المنظمات الدولية بالعملية السياسية فهده وسائل قانونية وقضائية باتت من حق ضحايا حقوق الانسان التي يجب تمكنيهم من الحصول على الانصاف والعدالة وتمكن من محاسبة مجرمي الحرب الاسرائيلين امام القضاء الجنائي الدولي.

لذلك لابد أن تغتنم دولة فلسطين هذه الفرصة بعد حصولها على عضوية مراقب، بسرعة الانضمام لعضوية المحكمة كون ذلك سوف يسمح بممارسة محكمة الجنائيات الدولية لاختصاصها في إنفاذ القانون الدولي الإنساني والمساهمة في حماية ضحايا جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وجرائم التظهير الجماعي والعرقي التي مارستها سلطات الاحتلال الحربي الاسرئيلي ويما يسمح للفلسطينيين بسد ثغرة إفلات قادة الاحتلال الإسرائيلي من العقاب في ما يخص جرائم الحرب التي ارتكبها ضد الفلسطينيين بعد عام 2002 . عام بدء ولاية المحكمة. مستنفدين من مبدأ عدم تقادم الجرائم الدولية هو أهم مبدأ يساعد الدولة الفلسطينية على تخطي العقبات القانونية الإجرائية التي كانت ستقف حائلاً دون المطالبة بتطبيق العدالة الجنائية الدولية على مجرمي الحرب الإسرائيليين .

الخيار الثاني هو الاختصاص العالمي، وهذا الخيار يعني بأنه من حق أية دولة طبقاً لاتفاقية جنيف الاربع لعام 1949، محاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم ضد الانسانية، بصرف النظر عن مكان وقوع هذه الجرائم، طبقاً لقوانين الدولة ذاتها. ويستند مبدأ الاختصاص العالمي على أساس تعاقدي، نجده واضحا ، بلا لبس أو غموض، فيما تنص عليه نصوص المواد 49، 50،129، 129، 146 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع (الأولى والثانية والثالثة والرابعة) التي ألقت على الدول التزامًا باتخاذ ما يلزم من إجراءات تشريعية وتنفيذية لقمع جرائم الحرب وضمان توقيع العقاب على الفاعلين لها، وذلك بغض النظر عن مكان ارتكاب تلك الجرائم أو جنسية مرتكبها([3]). حيث ألزمت هذه النصوص، الدول الأطراف فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة للاتفاقيات الأربع، بالبحث عن المتهمين بارتكاب هذه الانتهاكات “بغض النظر عن جنسيتهم” وتقديمهم للمحاكمة أمام محاكمها الوطنية أو تسليمهم للمحاكمة من جانب دولة أخرى، وذلك طبقا للمبدأ القاضي بالتزام الدول بـ “إما المحاكمة أو التسليم”. ولعل الاختصاص الجنائي الدولي يتيح نظرياً على الأقل لنحو 47 بلداً (معظم دول مجلس أوروبا) التقدم أمام المحاكم الوطنية ورفع دعاوى تطلب جلب المتهمين الى العدالة لمقاضاتهم، حتى وإن كان الجناة يتمتعون عن جنسية بلد آخر، حيث يمكن رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الوطنية لملاحقة المتهمين، وإبلاغ المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بهذه الجرائم، حيث تقع هذه المسألة ضمن سلطاته واختصاصه، لاسيما بعد إخطار مجلس الأمن بذلك. يكفي أن يحمل الضحية جنسية البلد الذي يرفع الدعوى أمام قضاء بلده، ليحق له مقاضاة المتورطين في جرائم يقدّمها ضد مجهول أو ضد شخص بذاته من المسئولين الإسرائيليين، حتى وان كان يتمتع بحصانة، لأن هذه الأخيرة لا تعفيه عن المساءلة بارتكاب الجرائم.ورغم أن هذه إمكانية اللجوء الى الاختصاص العالمي ما تزال متوفرة حتى الآن حيث ان هناك عدداً من الدول تسمح قوانينها ونظامها القانوني بمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب الاّ أن الأمر لم يجرِ استثماره من جانب الفلسطينين والعرب على نحو مؤثر، فالسلطة والحكومات العربية لم تدخل هذا الباب بعد، أما المجتمع المدني فإمكاناته شحيحة وأهالي الضحايا بأوضاع صعبة ولا تسمح لهم اختيار هذا الطريق لتكاليفها الباهظة.

وقد قامت دولة الاحتلال مؤخراً بتكليف محامين دفعت لهم أكثر من 3 ملايين دولار لمعرفة القوانين التي تنطبق على مسؤولين يمكن اتهامهم بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، كما قامت وبمساعدة و ضغط امريكي بالعمل على اجبار بعض الدول الاروبية لتعديل قوانيها مثلما حدث مع بلجيكا وبريطانيا واسبانيا، خصوصاً بعد قبول قضائها دعاوى ضد مسؤولين اسرائيليين. ولعل هذا يفسّر ضيق صدر إسرائيل وتبرّمها، وهي التي لا تكترث بالقانون الدولي كثيراً، حيث شنّت هجوماً ضد تقرير المقرر الخاص لحقوق الانسان للأراضي الفلسطينية المحتلة وتقرير غولدستون وكذلك ضد تقرير بوستروم، لأنهما يعرّضا “مشروعية” وجودها للتساؤل المشروع، خصوصاً وأن هذه التقارير توجهان اتهامات صريحة الى قيامها بارتكاب حرب تستحق إحالة المرتكبين الى القضاء الدولي. ورغم عدم تفعيل هذه الآليات وعدم الرجوع اليها لدرجة كافية حتى الآن، الاّ ان الكثير من المسئولين الإسرائيليين أصبحوا يخشون السفر الى أوروبا، تحاشياً لاحتمال إلقاء القبض عليهم، لاسيما إذا كان هناك من سيرفع أو رفع شكوى ضدهم بموجب الاختصاص الجنائي الدولي.

يجب العمل مع الدول وبالذات الإفريقية والأوربية التي يرتادها الإسرائيليون ومنهم ضباط وقادة عسكريون وسياسيون من المتورطين في ارتكاب جرائم الحرب وخاصة من أصحاب الجنسيات المزدوجة، وذلك اما بالتخطيط لها، او إعطاء الأوامر بارتكابها، كي تفتح ولايتها الجنائية لملاحقة مجرمي الحرب وفاءً لالتزاماتها التعاقدية المنصوص عليها في المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة.وكما يتطلب الأمر أيضاً العمل على تعديل قوانين الجزاء والعقوبات العربية، لكي تقبل دعاوى ضد مسئولين إسرائيليين متهمين بارتكاب جرائم، خصوصاً إذا مرّوا عبر أراضيها، إذ يتعين في هذه الحالة وجود تشريعات قانونية تسمح بتجريم ومحاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم،وهذا هو الأساس الذي استندت اليه المحاكم افي عدد من الدول في قبول النظر في الدعاوى التي أقيمت ضد متهمين باقتراف جرائم حرب ، علماً بأن اسرائيل هي أول من لجأ الى استخدام هذا ” الحق” رغم أنها قامت بمخالفة صريحة وسافرة لقواعد القانون الدولي، عند اختطاف ايخمان من الأرجنتين العام 1960 وقامت بنقله الى مطار بن غوريون، وأعلنت عن بدء محاكمته ثم قامت باعدامه (بعد صدور الحكم ضده).

ان اللجوء الى هذا الخيار ممكن رغم أنه غير مضمون، لاسيما من خلال الضغوط السياسية والتعقيدات القانونية، التي قد تجعل الجناة يفلتون من يد العدالة كما حدث عندما ترجعت بعض الدول الاروبية عن مبدا الولاية القضائية الدولية لاسيما دول مثل (بلجكيا ، واسبانيا ، وبريطانيا ) على اثر تقديم دعاوي بحق عدد من المسئولين الاسرئيلين .

الخيار الثالث :هو الطلب من مجلس الامن في الأمم المتحدة إنشاء محكمة خاصة مؤقتة على غرار محكمة يوغسلافيا ورواند وسيراليون وكمبوديا والمحكمة الدولية لملاحقة قتلة الرئيس رفيق الحريري، ولكن العقبة الأساسية التي قد تحول دون تحقيق ذلك هي: استخدام واشنطن حق الفيتو، وانحيازها لصالح إسرائيل، الأمر الذي يعرقل اتخاذ مثل هذا القرار، وهو ما ينبغي أخذه بالحسبان عند التفكير باتخاذ خطوة جدية ناجحة.

الخيار الرابع إحالة الأمر الى الجمعية العامة للأمم المتحدة بانشاء محكمة دولية خاصة من قبلها طبقاً لمبدأ “الاتحاد من أجل السلام” الصادر بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 377 في العام 1950 (بشأن كوريا). ورغم النزاع الفقهي بشأن القرار المذكور، الاّ انه يعدّ إحدى السوابق التي يمكن اعتمادها والبناء عليها، الأمر الذي يحتاج إلى المزيد من الأنشطة لحشد وتعبئة الكثير من الطاقات للحصول على قرار يمكن بموجبه مقاضاة مرتكبي الجرائم.ولكن هذا الخيار قد لا ينجح بالحصول على أغلبية في الامم المتحدة، وإن نجح فقد تمتنع الأمم المتحدة من تمويل المحكمة، وهذا ما هو متوقع ، الأمر الذي قد يؤدي الي انحسار فرص هذا الخيار.

الخيار الخامس اللجوء الى محكمة العدل الدولية ورغم أن اختصاص المحكمة هو الفصل في النزاعات الدولية(من الدول) التي تُعرض عليها وتفسير المعاهدات والاتفاقيات الدولية والنصوص القانونية وكذلك إصدار فتاوى استشارية، وبهذا المعنى فإن اختصاص المحكمة يتعلق بإصدار أحكام مدنية وليست جزائية على المتهمين، وهي ” محكمة حقوقية ” تقضي بالمسؤولية المدنية والتعويض، وهناك سابقة البوسنة حيث أقامت دعوى لدى محكمة العدل الدولية العام 1993 ضد صربيا بسبب المجازر المرتكبة. ولعل صدور أحكام بالتعويض المدني سيسهم لاحقاً بملاحقة المرتكبين عبر محكمة جنائية، لاتخاذ عقوبات ضدهم وتجريمهم طبقاً للقانون الدولي الإنساني. وهنا يمكن استعادة قرار محكمة العدل الدولية بشأن عدم شرعية بناء جدار الفصل العنصري العام 2000، ودعوتها الى عدم إكماله بل هدمه وتعويض السكان الفلسطينيين المتضررين بسبب ذلك.

وفي هذا الإطار يمكن الاستنتاج بان حصول فلسطين على عضوية الدولة المراقب يساهم في تقوية خيارات الملاحقة للاحتلال وفق الاليات الخمسة سابقة الذكر ، الامر الذي يعني تعظيم قدرة الفلسطينيين على اللجؤ الي هيئات الامم المتحدة كي تعمل على ضمان امتثال دولة الاحتلال لقواعد القانون الدولي الانساني والقانون الدولي الخاص بحقوق الانسان ، والعمل على تأمين حماية دولية للشعب العربي الفلسطيني وتمكينه من ممارسة حقه العادل والمشروع في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وتأمين حق العودة طبقاً للقرار 194 ، وإرغام اسرائيل على الامتثال للقرارات الدولية وتفكيك المستوطنات، وكذلك تقديم مرتكبي جرائم الحرب الى القضاء الدولي.

3- المسئولية المدنية للاحتلال وإصلاح الضرر

من أهم نتائج تحريك المسئولية الدولية هو الالتزام بإصلاح الأضرار الناجمة عن العدوان غير المشروع، سواء عن طريق إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الفعل غير المشروع المتمثل في العدوان والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية، أو التعويض المالي عن كافة الأضرار الناجمة عن الأفعال غير المشروعة، أو بالترضية، وخاصة فيما يتعلق بالأضرار المعنوية أو الأدبية. فوفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، يقع على عاتق سلطات الاحتلال التزامان مدنيان. يتمثل الأول في ضرورة التوقف الفوري عن الانتهاكات والأعمال غير المشروعة، وخاصة العقوبات الجماعية بمختلف أنواعها، واستخدام القوة المفرطة والمميتة ضد المدنيين، والقتل خارج نطاق القانون.

أما الثاني فيتمثل في التعويض العيني والمالي عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال، وذلك بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الانتهاك. وإذا لم يكن بالإمكان ذلك، فإن سلطات الاحتلال ملزمة بدفع تعويض مالي عن الأضرار التي لحقت بالسكان والممتلكات جراء هذه الانتهاكات. وعليه، يقع على الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية تعويض المواطنين الفلسطينيين والسلطة الوطنية الفلسطينية عن المباني والمنشآت الخاصة والعامة التي قصفتها قوات الاحتلال وخربتها، والأراضي التي جرفتها والأشجار التي اقتلعتها، والبنية التحتية التي دمرتها، والخسائر التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني نتيجة الحصار والقصف والعدوان المستمر. هذا بالإضافة إلى تعويض الجرحى والأسري وذوي الشهداء الأبرياء عن الألم والمعاناة التي حلت بهم، وعن الخسائر المادية التي تم تكبدها نتيجة للأسر أو الجرح أو القتل غير المشروع.

لقد نصت المادة 3 من اتفاقية لاهاي للحرب البرية لسنة 1907 على ” أن الدولة التي تخل بأحكام هذه الاتفاقية تلتزم بالتعويض إن كان لذلك محل. وهي تكون مسئولة عن كافة الأعمال التي تقع من أي فرد من أفراد قواتها المسلحة “. ونصت المادة 52 من نفس الاتفاقية على أن ” تقوم دولة الاحتلال بدفع مبالغ نقدية للسكان عن أتلاف الممتلكات والأضرار بها، بحيث تدفع المبالغ فورا للمتضررين. وفي حالة عدم الدفع الفوري، فان الدولة المحتلة تمنح هؤلاء السكان إيصالات بهذه المبالغ، على أن تقوم بدفع هذه الإيصالات بأسرع وقت ممكن “. وتعتبر إسرائيل ملزمة بأحكام اتفاقية لاهاي هذه باعتبارها جزءا من القانون الدولي العرفي.

يكفي ان نشير الى ان سويسرا ما زالت تدفع تعويضات الى اسرائيل لأنها قامت بغلق حدودها أمام الفارّين اليهود في الحرب العالمية الثانية، لأنهم كانوا معرضين للموت من جانب النازية، فمن سيدفع ثمن اغلاق معابر غزة ومن سيتقاضى لمسؤولياته المدنية والجنائية؟

ولقد أكدت بعض قرارات الأمم المتحدة، مثل قرار الجمعية العامة رقم 38/144 لسنة 1983، على حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي في استعادة مواردها وثرواتها وأنشطتها الاقتصادية، وفي نيل تعويض كامل عما أصاب تلك الموارد والثروات والأنشطة من استغلال واستنزاف وإضرار. وهناك مجموعة من السوابق الدولية التي تلزم الدولة المحتلة بتعويض المتضررين بسبب الاحتلال، مثل قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 674، 686، 687 لسنة 1990، والتي أكدت مسؤولية العراق عن تعويض الكويت عن الأضرار المادية، بما في ذلك أضرار البيئة واستنفاد الموارد الطبيعية أو الأضرار التي لحقت بالحكومة أو المؤسسات أو الأفراد. إن انطباق نفس المعيار يوجب تعويض المتضررين الفلسطينيين نتيجة ممارسات قوات الاحتلال غير القانونية من قبل دولة إسرائيل.

خامسا : استخلاصات وتوصيات

يمكن القول أن الحصول على عضوية الدولة المراقب يمثل حق واستحقاق فلسطيني طال انتظاره وبما يعزز من النضال الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وضمان عودة اللاجئين. ولكن هذا لا يعني أننا سنستيقظ في اليوم التالي لنجد الاحتلال قد رحل ولكنها محطة على الطريق تتطلب المتابعة الجادة لضمان انضمام فلسطين الي كافة الاجسام والمعاهدات الدولية الامر الذي سوف يساعد الفلسطينيين في نزع الشرعية عن الاحتلال وعزلة ومقاطعته ومحاسبته.

الامر الذي يحتم على القيادة الفلسطينية سرعة الانضمام الي باقي الاجسام والاتفاقيات الدولية ، والبدء في اقرار وتطبيق استراتيجية وطنية شاملة تقوم على تشكيل هيئة وطنية عليا لمحاكمة ومحاسبة قادة الاحتلال على ان تضم الهيئة الأطراف الرسمية ( قضاة نيابة ، وزارة عدل …) ومنظمات حقوق الانسان ونقابة المحامين ، لتسعي لتشكيل أوسع ائتلاف عربي ودولي لملاحقة قادة الاحتلال على جرائم الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ، الي جانب تفعيل كافة الادوات والتحركات الكفاحية والدبلوماسية والسياسية الهادفة الى عزل ومقاطعة ومحاسبة الاحتلال الاسرئيلي .

فتدويل القضية الوطنية يعني إعادتها إلى رحاب الشرعية الدولية بمؤسساتها وقراراتها بعد أن صادرت دورها لفترة الرباعية الدولية والمفاوضات الفاشلة بمختلف صيغها فاستمرار تأجيل تقديم طلب انتساب دولة فلسطين إلى المؤسسات الدولية والتي تخشى منها إسرائيل، لا يؤشر إلى اعتماد توجه جدي لتبني استراتيجية بديلة، وهو لا يعبر عن آلية سليمة لصنع القرار الوطني من خلال الالتزام بتطبيق مقررات هيئات م. ت. ف، بل يعبر بوضوح عن التفرد والمضي في أسلوب احتكار القرار من قبل القيادة الفلسطينية .وانطلاقا مما سبق ، تضحى مواصلة الهجوم السياسي والقانوني والدبلوماسي ركيزة رئيسية لإستراتيجية جديدة تكتمل بالتوحد في اطار استراتجية وطينية تقوم على اعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على اسس ديمقراطية وطنية جديدة تستفيد من حصول فلسطين على عضوية الدولة المراقب وتراكم عليها.

وبتقديري ان الاوان لتعزيز الدور التمثيلي الحقيقي لمنظمة التحرير الفلسطينية ورفدها بوجوه شابة وجديدة وإجراء انتخابات المجلس التشريعي و الوطني الفلسطيني، والعمل على منح كافة الفلسطينيين أينما وجدوا ما يثبت ويؤكد جنسيتهم الفلسطينية، وتبني قانون خاص بالجنسية الفلسطينية ليحدد من هو الفلسطيني رسميا وفعليا ويعطي الحق بالمواطنة لكل شخص ينتمي لفلسطين التاريخية، و تفعيل المقاومة القانونية والدبلوماسية من خلال الاستفادة من القانون الدولي ومن عضوية المنظمات والمحاكم الدولية، التعامل مع وسائل الإعلام، وتشجيع حركات التضامن مع الشعب الفلسطيني، وخاصة الحقوقيين ونقابات المحاميين في العالم والمؤسسات الحقوقية الدولية ، الي جانب الطلب من جاكعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، والاتحاد الافريقي ، دول عدم الانحياز ، واتحاد دول أمريكا اللاتنية بتشكيل محاكم جنائيات خاصة لملاحقة مجرمي الحرب الحرب من قادة الاحتلال الإسرائيلي وتقديمهم للعدالة ومحاسبتهم علي ما اقترفوه من جرائم حرب وجرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية.

وكذلك حث مؤسسات المجتمع المدني في العالم على مواصلة فعالياتها الضاغطة على حكوماتها لمقاطعة دولة الاحتلال الإسرائيلي باعتبارها دولة إرهاب منظم، وحث الدول والمؤسسات والشركات والأفراد على مقاطعة إسرائيل اقتصاديا وعسكريا وثقافيا وفرض قيود على سفر قادتها المتهمين بارتكاب جرائم حرب وملاحقتهم .

مع ضرورة الاسراع في انضمام فلسطين لميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك مطالبة الأطراف السامية المتعقدة على اتفاقيات جنيف بعقد مؤتمر للدول الموقعة على الاتفاقية للقيام بواجباتها القاانونية والأخلاقية اتجاة حماية قواعد القانون الدول الإنساني وحماية المدنيين في فلسطين ، الي جانب الاستفادة من الآليات التي تمنحها هذه الاتفاقيات للمدنيين وللأسري الفلسطينيين، ومع ضرورة الانضمام الي باقي الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان كونها تفتح مجال لمحاسبة الاحتلال كاتفاقية القضاء على كافة اشكال التميز العنصري ، وتعديل التشريعات والممارسات المؤسساتية الفلسطينية لضمان التقيد بأحكام هذه الاتفاقيات على الصعيد الوطني، وحث الخطي باتجاه التوجه نحو الحصول على عضوية كافة المنظمات الدولية من أجل عزل الاحتلال وادانته الاستفادة من الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات لصالح قضيتنا وشعبنا، وكل ذلك يتطلب إصلاح وتفعيل المؤسسات الوطنية الفلسطينية الحقوقية وخاصة الدبلوماسية الفلسطينية من خلال وضع استراتيجية تعمل على تفعيل السفارات والقنصليات الفلسطينية وضمان تعاونها مع الجالية الفلسطينية وتطوير أداء طاقم وزارة الخارجية ورفدها بكوادر مهنية شابة مدربة وقادرة على تقديم الخدمات للفلسطينيين في الخارج وتمثيل فلسطين بشكل يليق بعدالة قضيتها.

وختاما العمل على مطالبة الإطراف السامية المتعاقدة علي اتفاقيات جنيف بأن تقوم بواجباتها بالضغط علي سلطات الاحتلال من أجل أن توقف عدوانها واحتلالها للشعب الفلسطيني، وإجبارها على الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين زمن الحرب وتحت الاحتلال ومحاسبتها . وأيضا مطالبة الاجسام اللجان التابعة للامم المتحدة بممارسة دورها في حماية حقوق الإنسان، وقرارات الشرعة الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية بما يكفل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى