
حشد تصدر ورقة سياسات جديدة حول واقع الأمن الغذائي في قطاع غزة بعد العدوان وتحذر من تجويع ممنهج يهدد حياة أكثر من مليوني مدني
التاريخ: 26 نوفمبر 2025
خبر صحافي
الهيئة الدولية “حشد” تصدر ورقة سياسات جديدة حول واقع الأمن الغذائي في قطاع غزة بعد العدوان وتحذر من تجويع ممنهج يهدد حياة أكثر من مليوني مدني
أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني حشد ورقة سياسات جديدة حملت عنوان تحليل واقع الأمن الغذائي في قطاع غزة بعد العدوان، أعدها الباحث محمد اسليم، وقدمت من خلالها قراءة معمقة لواقع الأمن الغذائي في القطاع خلال الفترة الممتدة من عام 2023 وحتى عام 2025، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر وما نتج عنه من انهيار شبه كامل لمنظومة الغذاء وتفاقم غير مسبوق للمأساة الإنسانية.
وأكدت الورقة أن قطاع غزة يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات الغذائية في العالم، بعدما أدى العدوان وما رافقه من حصار وإغلاق ومنع دخول المواد الأساسية إلى تدمير البنية التحتية الزراعية وسبل العيش، وخلق ظروف تجويع قسري تهدد حياة أكثر من مليوني مدني، معظمهم من الأطفال والنساء. وأوضحت أن الأزمة لم تعد نتيجة مباشرة للأعمال الحربية فحسب، بل باتت تعكس نمطا ممنهجا يقوم على استخدام التجويع كأداة حرب عبر استهداف الأراضي الزراعية ونقاط الإنتاج ومحاصيل الغذاء وسلاسل التوريد والتخزين.
وأشارت الورقة إلى أن الوضع قبل العدوان كان يعاني أصلًا من هشاشة حادة، حيث وصلت معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى نحو تسعة وستين في المئة، بينما كانت معدلات الفقر والبطالة من بين الأعلى عالميًا، الأمر الذي جعل المجتمع في حالة قابلية عالية للانهيار عند أي اضطراب. ومع اندلاع العدوان، تحولت الهشاشة البنيوية إلى انهيار كامل لمنظومة الأمن الغذائي، بعد تجريف آلاف الدونمات الزراعية وتدمير منشآت التخزين وشبكات الري وفقدان الثروة الحيوانية وتوقف الصيد البحري وتوقف المخابز نتيجة انعدام الوقود.
وبيّنت الورقة أن المؤشرات الميدانية تعكس حجم الكارثة، حيث ارتفع انعدام الأمن الغذائي إلى أكثر من تسعين في المئة، وتجاوزت نسبة الأسر المعتمدة على المساعدات خمسة وتسعين في المئة، بينما سجلت أسعار السلع الغذائية الأساسية ارتفاعًا يتجاوز أربعة أضعاف. كما ارتفعت معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال إلى مستويات تهدد الصحة العامة وتؤدي إلى أمراض مزمنة وتأثيرات تطورية طويلة الأمد.
وأبرزت الورقة الإطار القانوني المتعلق بالحق في الغذاء، مؤكدة أن إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، ملزمة بموجب القانون الدولي الإنساني بضمان توفير الغذاء للسكان المدنيين، وأن تجويع المدنيين أو حرمانهم من مستلزمات الحياة الأساسية يشكل جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي والبروتوكولات الدولية. كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤوليات مباشرة في ضمان تدفق المساعدات وحماية المدنيين ومنع استمرار الانتهاكات.
واستعرضت الورقة أبرز التحديات الراهنة التي تواجه الأمن الغذائي في القطاع، وفي مقدمتها استمرار الحصار ومنع إدخال المواد الأساسية، والدمار الواسع للبنية الزراعية، وتلوث التربة بالمخلفات الحربية، وشح المياه والطاقة، وتعطل سلاسل الإنتاج والتخزين، وانهيار الأسواق المحلية، وتراجع التمويل الدولي، وغياب خطة وطنية شاملة لإعادة الإعمار الغذائي.
وحددت الورقة أولويات الاستجابة العاجلة خلال الأشهر الثلاثة الأولى، بما يشمل فتح المعابر بشكل آمن لإدخال الغذاء والدواء والوقود، وتوفير طاقات تشغيل طارئة للمخابز ومحطات المياه، وتقديم حزم غذائية متنوعة للأسر الأكثر هشاشة، وتفعيل وحدات تغذية طارئة للأطفال والحوامل، وضمان الحماية للعاملين الإنسانيين.
كما طرحت إجراءات متوسطة وطويلة الأمد تمتد من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، بهدف بناء منظومة غذاء مستدامة تعتمد على إعادة تأهيل الأراضي الزراعية، وتعويض المزارعين والصيادين، وإطلاق خطة وطنية للسيادة الغذائية، وتشجيع سلاسل التوريد المحلية، والاستثمار في الطاقة المتجددة للمرافق الغذائية وبرامج التشغيل التي تعزز القدرة الشرائية للأسر.
وأكدت الهيئة الدولية حشد في ختام الورقة أن معالجة هذه الأزمة تتطلب إرادة سياسية دولية تضمن رفع القيود المفروضة على إدخال الغذاء والوقود، ومساءلة الجهات المسؤولة عن تدمير مصادر الغذاء، والعمل على إعادة بناء منظومة الأمن الغذائي بما يكفل الكرامة الإنسانية ويحقق حق الفلسطينيين في الغذاء الكافي والآمن. وشددت الهيئة على أن الوضع الإنساني في غزة لم يعد قابلا للتأجيل، وأن استمرار الحصار والعدوان يهدد بمجاعة واسعة النطاق تستدعي تدخلا دوليا عاجلا وملزما.



