حرمان الأطفال من المساعدة الانسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (2007- 2017)
دراسة بحثية بعنوان:
حرمان الأطفال من المساعدة الانسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (2007- 2017)
إعداد الباحث
ناصر عدنان ثابت
مقدمة:
إن المساعدة الإنسانية أمر جوهري في حالات النزاع المسلّح، فالمدنيين، بمن فيهم الأطفال، يكونون في حاجة أكثر من ماسّه لهذه المساعدة , والناظر للواقع الفلسطيني يجد أن الأراضي الفلسطينية تقع تحت السيطرة الفعلية لسلطة الاحتلال الاسرائيلي, ممثلاً بذلك نزاعاً مسلحاً دولياً, وعلى ذلك يكون واجباً في هذا الاطار تقديم المساعدة الانسانية للأطفال الفلسطينيين .
حيث نجد أن نسبة الأطفال الفلسطينيين الذين لم يبلغوا سن الثامنة عشر قد شكلت ما يقارب نصف تركيبة المجتمع الفلسطيني , فقد بلغ عددهم 2.207.535 طفل أي بنسبة 45.8% من مجموع الفلسطينيين حسب ما أورد جهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقريره الصادر عن سنة 2016 .
الطفل الفلسطيني حُرم من أبسط الحقوق التي كفلتها له المواثيق و المعاهدات الدولية و قد تم انتهاكها ولم يتم مراعة أي حُرمةٍ لها , بل أبسط من ذلك كان يتم تبرير انتهاكها من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي بمبررات واهية لا يمكن أن يتقبلها العقل, ناهيك عن أن دولة الاحتلال الاسرائيلي من بين الدول 193 دولة في العالم التي وقعت على اتفاقية حقوق الطفل , وهي معاهدة دولية تعترف بالحقوق الإنسانية للأطفال، ووضعت باعتبارها أن الأشخاص دون سن الـثامنة عشر يحتاجون لرعاية خاصة على الصعيدين المحلي والدولي بسبب عدم نضجهم البدني والعقلي .
و من خلال قراءة واقع الطفل الفلسطيني من حيث حقوقه وحرياته الأساسية، وبين ما هو منصوص عليه ومؤكد في اتفاقية حقوق الطفل من حق في الحياة و التعليم و الصحة و الأمن و اللعب وغيرها من الحقوق ، يتبين لنا الفرق الواسع بين ما هو مضمون ومكفول من حقوق وحريات أساسية للطفل وبين الانتهاك الفاضح والمعلن المنظم اتجاه الطفولة الفلسطينية حياةً وأمناً وصحةً وتعليماً وحماية. وفي هذه الحالة تتحمل دولة الاحتلال الإسرائيلي الجانب الأكبر من المسؤولية عن انتهاك حقوق الطفل الفلسطيني كونها لا تقيم وزناً ولا قيمة لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها اتفاقية حقوق الطفل التي لم تلتزم فيها بتعهداتها تجاه حقوق الإنسان وحرياته الأساسية .
أهمية الدراسة :
تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها أتت في الوقت الذي أصبحت فيه الانتهاكات التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي واضحة على المساعدة الانسانية التي يجب أن يتمتع بها الطفل في الأراضي المحتلة وبما لا يمكن السكوت عن هذه الممارسات .
أهداف الدراسة :
تهدف هذه الدراسة الى هدف رئيس متمثل في استظهار ما للطفل الفلسطيني من مساعدة إنسانية يجب أن تُقدم له ,و يتفرع عن ذلك عدد من الأهداف الفرعية وهي :
- التعريف بالمساعدة الانسانية الكافلة للطفل الفلسطيني العديد من الحقوق .
- و ابراز المسؤولية الاسرائيلية عن الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الحقوق .
إشكالية الدراسة :
اشكالية الدراسة تتمثل في معرفة المساعدة الانسانية المكفولة للطفل الفلسطيني والانتهاك الذي التعرض له.
تساؤلات الدراسة :
تثير هذه الدراسة عدد من التساؤلات وهي على النحو الاتي :
- ما هيه المساعدة الانسانية ؟
- ماهي مشتملات المساعدة الانسانية؟
- ماهي نماذج الحرمان التي تتعرض لها هذه المساعدة ؟
- هل لحرمان الطفل الفلسطيني من المساعدة الانسانية تأثير عليه ؟
فرضية الدراسة :
إن استمرار حرمان الأطفال الفلسطينيين من المساعدة الانسانية سوف يزيد من الانتهاكات التي تتعرض لها حقوقهم المكفولة بموجب الشرائع الدولية .
منهجية الدراسة :
قمنا في هذه الدراسة باستخدام منهجين أولهما التوثيقي و الثاني التحليلي , حيث اتخذنا من المنهج الاول طريقاً في جمع و توثيق المعلومات حول المساعدة الانسانية المكفولة للأطفال و الانتهاكات التي تتعرض لها , و كان استخدام المنهج الثاني من خلال تحليل ما نصت عليه المعاهدات الدولية من حقوق للأطفال .
مصطلحات الدراسة :
الطفل : هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه
المساعدة الانسانية : هي كافة الحقوق التي يتمتع بها الأطفال الفلسطينيين و المكفولة لهم بموجب المعاهدات الدولية .
المعاهدة : هي اتفاق دولي بين أشخاص القانون الدولي ضمن إطار القانون الدولي بقصد ترتيب اثار قانونية , و قد تكون في وثيقة واحدة أو أكثر .
الحرمان : منع أو إعاقة الوصول إلى الحقوق المكفولة بموجب معاهدات و اتفاقيات حقوق الانسان و تعطيل آلية إنفاذها .
النزاعات المسلحة : هي صراع مسلح يحكمه القانون الدولي بين القوات المسلحة النظامية لدولتين على الأقل أو بين جيش نظامي وقوات مسلحة (المليشيات) .
الفترة : هي المدة الزمنية للدراسة من( 2007) حتى( 2017 ) .
تقسمات الدراسة :
المطلب الأول: الطفل والمساعدة الانسانية الدولية
الفرع الأول: التعريف بالطفل والمساعدة الانسانية
الفرع الثاني: حقوق الطفل في القانون الدولي
المطلب الثاني: أشكال وأثر الحرمان من المساعدة الانسانية على الاطفال الفلسطينيين
الفرع الاول: أشكال الحرمان من المساعدة الانسانية
الفرع الثاني: أثر الحرمان على الأطفال الفلسطينيين .
المطلب الأول
الطفل والمساعدة الانسانية الدولية
الفرع الأول: التعريف بالطفل والمساعدة الانسانية
أولاً: الطفل:
تُعرف اتفاقية حقوق الطفل في اطار مادتها الأولى بأن الطفل (هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه) وعليه كل من هو دون الثامنة عشر يتمتع بالحقوق و الحماية المقررة ضمن مواد هذه الاتفاقية و التي يجب أن يتم احترامها من قبل دولته التي صادقت على هذا الاتفاقية بل هناك واجب على هذه الدولة أن يتم تفعيل هذه الاتفاقية كونها مصادقة عليها من خلال موائمة القانون الوطني مع هذه الاتفاقية .
ثانياً : المساعدة الانسانية للطفل في هذه الدراسة:
قد يتصور الى أذهاننا للوهلة الأولى من سماع “المساعدات الإنسانية” التي حُرم منها أطفال فلسطين في هذه الدراسة أنها قاصرة على الغذاء و الدواء و الكساء التي يتم تقديمها لمناطق الحروب و الكوارث و التي تم تعرفها من قبل الأمم المتحدة بأنها “معونة تقدم للسكان المتضررين والتي يقصد بها في المقام الأول السعي إلى إنقاذ الأرواح والتخفيف من معاناة السكان المتضررين بالأزمـة “[1]. ولكن هنا يختلف الأمر في مقصود المساعدة الانسانية التي حُرم منها أطفال فلسطين, فهنا كان القصد بأنها كافة الحقوق التي يتمتعون بها و المكفولة لهم بموجب المواثيق الدولية كون الأطفال من الفئات الخاصة التي يجب أن تجد لها رعاية خاصة وهذا ما أكدته ديباجة ميثاق اتفاقية حقوق الطفل حيث عبرت قائلة بأن{ هؤلاء الأطفال يحتاجون الى مراعاة خاصة} لان هذه الحقوق تسعى لمساعدة الأطفال الى الحياة الانسانية , ولم تقف اتفاقية حقوق الطفل عند هذه الحد بل أكدت على احترام الدول لهذه الحقوق و ألزمت بكفالتها لكل طفل يقع في ولايتها كون هذه المساعدات تكفل لهم الحياة الانسانية كريمة التي نصت عليها المواثيق الدولية .
ثالثاً: مفهوم الحرمان في القانون الدولي:
والحرمان المقصود به هنا يتمثل في منع الطفل من الوصول الى الحقوق المكفولة له بموجب معاهدات و اتفاقيات حقوق الانسان و تعطيل آلية انفاذها لديه كحرمانه في الحق في الحياة بقتله و حرمانه في الحق في التنقل بإغلاق المعابر و حقه في النمو في عائلة من خلال اعتقال أفراد الأسرة أو قتلهم و حقه في التعلم من خلال قصف المدارس أو منعهم من الوصول اليها و الى غير ذلك من الانتهاكات التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي, وبالنظر الى ما عبر به مكتب (الممثل الخاص للأمين العام المعني بالأطفال و النزاع المسلح[2]) في تعريف الحرمان من المساعدة الانسانية فقد توسع في ذلك قائلاً : الحرمان من المساعدة الإنسانية فينطوي على إعاقة الوصول الحر أو المناسب زمنياً للمساعدات الإنسانية المقدّمة إلى الأشخاص المحتاجين إليها، فضلاً عن الهجمات المتعمّدة التي تُشَنّ على العاملين في المجال الإنساني[3].
الفرع الثاني
حقوق الطفل في القانون الدولي
أولاً : في القانون الدولي لحقوق الانسان
فبالنظر الى المواثيق الحقوقية نجد أنها كفلت هذه الحقوق للأطفال بصورة عامة في اطار الاعلان العالمي لحقوق الانسان و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و بصورة خاصة في اطار اتفاقية حقوق الطفل و تعددت نماذج الحقوق المحفوظة للأطفال بصورة عامة كونهم جزء من التكوين المجتمعي فقد تم كفالة الحق في الحياة لهم وكذلك الحق في الصحة و المساواة و التنقل و الحق في سلامة الجسد وعدم تعريضه للمعاملة اللاإنسانية .
أما الحماية الخاصة التي كفلتها اتفاقية حقوق الطفل فنجدها قد تحدثت في اطار مادتها السادسة قد كفلت حقه في الحياة بل و ألزمت الدول على المحافظة بأقصى حد ممكن على بقاءه و كذلك كفلت له حق في أن يتمتع باسم خاص به وجنسية وكذلك نصت على حقه في البقاء في اطار اسرته و عدم فصلهِ عنها وأيضاً كفلت له حق التعبير عن رأيه و حريته الدينية وأتت المادة السادسة عشر بالحث على عدم التدخل الغير قانوني أو التعسفي في حياته .
و سلطات الاحتلال الاسرائيلي قامت بانتهاك الكثير لحقوق أطفال فلسين التي وجدت لها مقر في العديد من المعاهدات الشارعة لحقوق الانسان و منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 , والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، والاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1952.
ثانياً: في القانون الدولي الانساني
ان الحديث عن حماية الأطفال في أثناء النزاعات المسلحة يوجب علينا البدء في تجنيب الأطفال ويلات النزاعات المسلحة و الهجمات المباشرة أثناءها وفي هذا المقام ننظر الى ما أتت به ديباجة البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة والتي نصت على ادانة استهداف الأطفال في حالات المنازعات المسلحة والهجمات المباشرة على أهداف محمية بموجب القانون الدولي، بما فيها أماكن تتسم عموماً بتواجد كبير للأطفال مثل المدارس والمستشفيات، وهنا يتمتع الأطفال المتضررون من النزاعات المسلحة من حماية قانونية خاصة
فاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاها الإضافيان لعام 1977 وفرت حماية خاصة لصالح الأطفال خلال النزاعات المسلحة. وفي الحقيقة, تؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن الأطفال يحظون بشكلين من الحماية التي يكفلها لهم القانون الدولي الإنساني: الحماية العامة التي يتمتعون بها بصفتهم مدنيين أو أشخاصا لا يشاركون في أعمال عدائية أو كفوا عن المشاركة فيها, والحماية الخاصة التي يتمتعون بها بصفتهم أطفالا. وهناك أكثر من 25 مادة في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين تشير إلى الأطفال على وجه الخصوص.
وتشمل القواعد المتعلقة بعقوبة الإعدام وتوفير الغذاء والرعاية الصحية والتعليم في مناطق النزاع, والاحتجاز, وانفصال الأطفال عن عائلاتهم ومشاركتهم في العمليات العدائية. وتسري الحقوق المكفولة في اتفاقية حقوق الطفل المصدق عليها عالميا تقريبا, في النزاعات المسلحة أيضا[4].
و يشكل انتهاك حق الأطفال الفلسطينيين في الحياة الذي يعتبر نموذج من نماذج المساعدة الانسانية جريمة حرب بموجب ميثاق روما الناظم لعمل المحكمة الجنائية الدولية بموجب المادة (8/2/أ/1) حيث ان هؤلاء الأطفال جزء من المحميين من اتفاقيات جنيف1949, و يترتب على حرمان الأطفال من حقهم في التعليم من خلال تدمير المدارس و استهدافها جريمة حرب بموجب المادة (8/2/ب/9) والتي تجرم الاعتداء على الأعيان المحمية و التي منها المباني التعليمية وفي ذلك انتهاك للمادتين (26 و 27) من لائحة لاهاي التي تنظم قوانين و أعراف الحرب البرية لعام 1907 .
المطلب الثاني
أشكال وأثر الحرمان من المساعدة الانسانية على الاطفال الفلسطينيين
الفرع الاول
أشكال الحرمان من المساعدة الانسانية
تتعد صور التي ينتهجها الاحتلال الاسرائيلي في انتهاكه لحقوق الأطفال الفلسطينيين وحرمانهم من المساعدات الانسانية التي كفلتها المواثيق الدولية على أصعدة عدة:
أولاً: حق الحياة : ويعتبر من أهم الحقوق بل يمكن اعتباره الأهم لأنه بلا الحق في الحياة لا يمكن لنا أن نتحدث عن حقوق أو نطالب فيها لأن الشخص يكون في مصاف العدم و هذا الحق قد كفلته المادة السادسة من اتفاقية حقوق الطفل و قد تعرض هذا الحق لامتهان اسرائيلي كبير وقد بلغ عدد الأطفال الذين لقوا حتفهم جراء الممارسات الاسرائيلية تجاه حقهم في الحياة يجد أن عددهم قد بلغ 2026شهيد, و من مشاهد ذلك الحروب الثلاث على قطاع غزة فيجد أن هذا الحق قد تم انتهاكه بصورة علنية أمام مرأى العالم أجمع و ففي العدوان الأخير على قطاع غزة نجد أنه قد أودى بحياة 556 طفل[5], و في الضفة الغربية نجد أن المستوطنين و الجيش الاسرائيلي يرتكب جرائم القتل بحق الأطفال بالحرق أو بإطلاق النار فقد بلغ عدد الأطفال الذين لقوا حتفهم جراء هذه الممارسات 86 طفل منذ عام 2014 الى يومنا هذا حسب الاحصاءات التي تقوم بها الحركة العالمية لدفاع عن الأطفال[6].
ثانياً: حق التنقل : يمارس الاحتلال الاسرائيلي الاغلاق و الحصار على قطاع غزة منذ عام 2007 الى يومنا هذا ,حارماً الأطفال مع ذويهم من السفر للممارسة و قضاء حوائجهم المنشودة وكأنهم في سجن لا يخرجون الا بإمرته ولا يدخلون الا بإمرته وهذا يثبت السيطرة البرية و البحرية و الجوية لسطلة الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة بل و على فلسطين أجمع ونجد المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص على الاتي «يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليها» .
و على صعيد آخر ما يعاني منه أطفال الضفة الغربية ببناء جدار الفصل العنصري الذي يحرمهم من هذا الحق الذي كُفل بالمواثيق الدولية و لم يقصر بناء الجدار على حرمان الأطفال من التنقل بل وصل الى حد تعطيل وصولهم الى أماكن دراستهم و التواصل مع أسرهم و ذويهم وهذا التعطيل يتوافق مع الحرمان الذي أسلفنا الاشارة اليه سابقاً من مكتب (الممثل الخاص للأمين العام المعني بالأطفال و النزاع المسلح).
ثالثاً: حق الصحة : أن سلامة صحة الأطفال و علاجهم هو حق طبيعي ومن أبسط قواعد حقوق الانسان، ويجب ان يحصل المريض على العلاج في حالة الحرب قبل السلم، “ويعالج العدو قبل الصديق”، وإن معيقات وصول المرضى تتمثل في تعقيدات الحصار المفروض الذي يؤثر على تنقل المرضى لمشافي الداخل و في الآونة الأخيرة توفي قرابة ثلاثة أطفال بسب المنع الذي تم في حقهم للحصول على تحويلات خارجية للعلاج بالنظر الى ضعف الموارد الطبية و الامكانات التي تحويها مشافي القطاع وهذا ما عبر به محمود ظاهر مدير مكتب الصحة العالمية بقطاع غزة في مقابلة صحفية معه[7].
رابعاً: حق الحرية: و التي نقصد بها قدرة الفرد على ممارسة مجموعة من الأفعال المبرّرة والمشروعة دونما قيود فكريّة أو جسديّة تُفرض عليه؛ فالحريّة ضرورةٌ من الضرورات البشريّة، و هذا الحق يجد انتهاكه بصورة فاعلة ضد الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية أكثر منها في قطاع غزة ,فقد تم تقييده و التضييق علي هذا الحق من قبل السلطات الاسرائيلية , حيث قامت بمنع الأطفال من ممارسة حقوقهم في التعبير عن آرائهم و رغباتهم بل قامت باعتقالهم و زجت بهم في السجون على خلفية رمي الحجارة و الخروج في مظاهرات ,و قد عبر ساري باشي مدير عام منظمة هيومن رايتس ووتش في فلسطين و اسرائيل ( بأن قوات الاحتلال الاسرائيلي تعامل الأطفال عند اعتقالهم بصور من شأنها تروع و تصدم الشخص البالغ فما بالك بالطفل الصغير)[8],وفي هذا المقام نجد سلطات الاحتلال الاسرائيلي قد قامت بتشريع عدد من اللوائح و الأوامر العسكرية التي تبرر اعتقال الأطفال و هذه التشريعات تخالف كافة المعاهدات التي كفلت الحماية للأطفال ومنها 132 / 1967 ، الذي يعرّف الطفل الفلسطيني بأنّه شخص من دون سن السادسة عشر ، وذلك في تعارض مع اتفاقية حقوق الطفل التي تعرف الطفل بأنّه كل انسان لم يبلغ من العمر الثامنة عشر ، ومع القانون الجزائي الإسرائيلي الذي يُعرف الطفل الإسرائيلي بأنه شخص دون الثامنة عشرة ، يسمح هذا الامر لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال في سن الثانية عشرة بموجب الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر من دون تهم محددة[9]. و صادق الكنيست الصهيوني على القرار القاضي بحبس الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عامًا، بزعم كونهم “إرهابيين”[10] على خلفية اعتقال الطفل أحمد مناصرة البالغ من العمر 13 عاماً بتهمة الشروع في القتل .
خامساً: الحق في التعليم: تعرض هذا الحق للامتهان على مدار تاريخ القضية الفلسطينية منذ أن بدأ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين, واتخذت سلطات الاحتلال نماذج مختلفة لتعطيل هذا الحق من خلال الاغلاق المتعمد للمدارس و المعاهد الجامعية و كذلك قصف المدارس أو ايقافهم من خلال الحواجز التي وضعتها و هذا يتعارض مع المادة الخمسون من اتفاقية جنيف الرابعة 1949 التي وضعت على عاتق سلطات الاحتلال التزامات على صعيد التعليم لم تلتزم فيها وهذا ما شمله نص المادة ( تكفل دولة الاحتلال، بالاستعانة بالسلطات الوطنية والمحلية حُسن تشغيل المنشآت المخصصة لرعاية الأطفال وتعليمهم (….) فإذا كانت المؤسسات المحلية عاجزة، وجب على دولة الاحتلال أن تتخذ إجراءات لتأمين إعالة وتعليم الأطفال الذين تيتموا أو افترقوا ) , وهنا نجد اسرائيل تسير في مسلك مخالف لما يقع على عاتقها كسلطة احتلال .
الفرع الثاني
أثر الحرمان على الأطفال الفلسطينيين
ان الممارسات الاسرائيلية بحق الطفولة لا يمكن لها أن توائم ما شرعته المعاهدات الدولية للأطفال من حقوق بل انها كانت ع النقيض الخالص لها , وهو الأمر الذي جعل المنظمات الدولية و جهات المراقبة العالمية تدين هذه الممارسات وهنا نستحضر عدد من النتائج التي ترتبت على هذا المسلك:
أولاً: تعطيل مسار تعليم أطفال فلسطين بـ :
- استهداف مدارسهم
في هذه الفترة تم الحاق ضرر ب( 272 مدرسة) بين ضرر كلي و جزئي[11] .
- اعتقالهم
حيث يبلغ عدد الأطفال الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي قرابة 200 طفل [12].
- اغلاق المدارس
في الضفة الغربية هناك2194 مدرسة ومعرض للإغلاق منها قرابة 300 مدرسة بسبب الممارسات الاسرائيلية[13]
- نصب الحواجز لهم منع الكتب من الوصول لهم • قتل أو اعتقال مدرسيهم
ثانياً: عدم حصولهم على الرعاية صحية اللازمة :
- عدم منحهم تصاريح سفر للعلاج .
- منع المعدات الطبية اللازمة من الوصول الى المشافي.
- تعطيل وصول فرق الخدمات الطبية في الوقت المناسب لهم .
ثالثاً: عدم الحصول على المسكن الملائم:
- تدمير منازل سكناهم .
- تهجيرهم من بيوتهم للمشاريع الاستيطانية
رابعاً: عدم توفير سبل الرفاهية:
- قطع الكهرباء
- القيام بتفجيرات
- اطلاق الطائرات بلا طيار
الخاتمة
في ختام هذه الورقة البحثية التي تحدثنا فيها عن حرمان الأطفال الفلسطينيين من المساعدات الإنسانية التي كفلتها لهم المعاهدات الدولية بسبب الممارسات الاسرائيلية توصلنا الى عدد من النتائج و التوصيات :
أولاً : النتائج :
- يعاني الطفل الفلسطيني بشكل كبير من الحرمان من المساعدة الإنسانية، التي تنعكس بشكل سلبي على أهم الحقوق المكفولة له بموجب المعاهدات الدولية و أهمها اتفاقية حقوق الطفل التي أتت لتكفل حقوق الطفل في هذا السياق .
- انتهاك و عدم احترام من قبل سلطة الاحتلال الاسرائيلي لالتزاماتها الدولية بموجب أحكام القانون الدولي والمعاهدات الدولية التي تقرر حماية حق الطفل الفلسطيني في المساعدة الانسانية.
- مسؤولية قوات سلطة الاحتلال الاسرائيلي عن حرمان الطفل الفلسطيني من المساعدة الإنسانية المكفولة له , و توافر دلالات حول هذه الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال .
- ضعف و تواضع الآليات الدولية القائمة على إيقاف الانتهاكات الاسرائيلية, كان سبباً رئيسا في زيادة معاناة الطفل الفلسطيني، وحرمانه من المساعدة الإنسانية وتمادي سلطات الاحتلال في الاستمرار في سياستها الانتهاكية .
ثانياً : التوصيات :
- تطوير أدوات الردع للانتهاكات الاسرائيلية بحق الطفولة الفلسطينية, من خلال تفعيل القنوات الدولية مع المنظمات و التكتلات العاملة في هذا المجال لكبح جماح سلطات الاحتلال عن الاستمرار في هذه السياسات الانتهاكية.
- التنديد بالممارسات الاسرائيلية و فضحها على مستوى الدولي من خلال الاستغلال الأفضل لوسائل الاعلام المختلفة بتشكيل فريق متخصص يتم الاستفادة من خبراته في هذا المجال, لمناصرة حقوق الطفل الفلسطيني عالمياً .
- الزام سلطة الاحتلال الاسرائيلي بما يقع على عاتقها من التزامات بموجب المعاهدات الدولية من خلال الرسائل المخاطبة للمقررين الخاصين بالحقوق التي تكفل للأطفال التمتع بالمساعدات الانسانية للإلزام سلطة الاحتلال بذلك .
- ايجاد روابط دولية و محلية عملية لتمكين الطفل الفلسطيني من حقوقه بالشراكة مع الأجسام الدولية المختلفة لتحقيق هذا الهدف .
- https://www.alwatanvoice.com/arabic/content/print/338368.html تقرير بالأرقام عن عدوان 2012
- تقرير عدوان 2014 في ضوء أحكام القانون الدولي , اسلام سكر