الرأي القانوني بشأن خطة دولة الاحتلال الإسرائيلي “تدمير التجمع السكاني الفلسطيني (خان الأحمر) لتهجير سكانه قسراً”
<p style=”text-align: center;”><strong>ورقة موقف: </strong><strong>الرأي القانوني بشأن خطة دولة الاحتلال الإسرائيلي </strong><strong> “تدمير التجمع السكاني الفلسطيني (خان الأحمر) لتهجير سكانه قسراً”</strong></p><p style=”text-align: left;”>إعداد:أ. اسلام سكر</p><strong>مقدمة:</strong>إن الشعب الفلسطيني والأراضي الفلسطينية مازالت ترزح تحت أخطر أنواع الاحتلالات في التاريخ البشري، إنه الاحتلال (الإحلالي) الإسرائيلي ذي الطابع العسكري، الذي يستمر بإجراءاته العدوانية لرسم وقائع مادية على الأرض، بدءاً من التهجير القسري، الذي نتج عنه وجود أكثر من نصف الشعب الفلسطيني في مخيمات اللجوء والشتات، واستمرار سياسة مصادرة وضم الأراضي والبناء الاستيطاني المكثف في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي مقدمتها القدس، وبناء جدار الفصل العازل، وهدم البيوت، فقد شهدت ومازالت تشهد الأراضي الفلسطينية تدهورا خطيرا على كافة الأصعدة ومناحي الحياة، منذ الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، في الرابع من حزيران عام 1967م.فعلى الرغم من التفاهمات الفلسطينية مع دولة الاحتلال في كلٍ من الضفة و غزة بعد اتفاقية أوسلو 1994م. وما نصت عليه من تقسيم العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة إدارياً بشكل مرحلي مؤقت، والقرارات الأممية والمعاهدات الاتفاقيات الدولية وأراء الهيئات القضائية الدولية، إلا أن السياسة الاستيطانية الاسرائيلية استمرت في انشاء المستوطنات و التهجير القسري و سلب الأراضي، حيث تُطبق دولة الاحتلال في حوالي 60% من الضفة الغربية المعرفة على أنها مناطق C، سياسة تمنع الفلسطينيين من جميع امكانيات البناء للسكن، وتمنع ربطهم بالبنى التحتية ولا تتيح بناء المؤسسات العامة طبقا لاحتياجات السكان ومن ضمنها (المدارس، العيادات، حدائق اللعب). كما تمنع هذه السياسة تطوير البلديات في مناطق A و B، التي تم اعتبار احتياطيات الأراضي فيها على أنها ضمن مناطق C.هكذا فرضت دولة الاحتلال على السكان العيش بمستوى حياة متدن، دون الارتباط بالبنى التحتية الخاصة بالمياه والكهرباء، وتمنعهم من أي امكانية لتطوير بلداتهم طبقا لاحتياجاتهم الحالية والمستقبلية. في ظل غياب الخيارات يبني الفلسطينيون دون تراخيص وهم غير ملزمون بتلك التراخيص استنادا للقانون الدولي، فيضطرون للعيش بعدم استقرار وخشية دائمة من أوامر الهدم وتطبيقها.فخلال الأشهر التسعة الماضية من العام 2017، هدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك شرقي القدس، 112 مبنى سكني وأبقت بلا مأوى 336 شخصا من بينهم 189 قاصرا تحت سن 18 عام. يستدل من تحليلي المعطيات في السنوات العشر الاخيرة ان عدد عمليات هدم البيوت قد وصل الى ذروة جديدة خلال العام 2016 حيث هدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلية 362 مبنى سكني، وخلفت حوالي 1500 مواطنا بلا مأوى نصفهم تقريبا تحت سن 18عام. كانت عمليات الهدم في العام 2016 الأعلى خلال السنوات السابقة، غير أن هدم تجمعات كاملة – كما أعلن وزير دفاع دولة الاحتلال وعلى الملأ- هو أمر غير مسبوق منذ الاحتلال الاسرائيلي في العام 1967.<strong><u>أولاً: الوقائع:</u></strong>تستعدّ الإدارة المدنيّة في دولة الاحتلال لتنفيذ خطّة تهجير التجمّع السكاني الفلسطيني (خان الأحمر) بأكمله. الواقع إلى الشرق من مدينة القدس، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك عقب تصريّح وزير دفاع دولة الاحتلال “أفيغدور ليبرمان”، قبل أسبوعين ( في مطلع شهر سبتمبر من العام 2017) أمام صحفيّين عن نيّته السعي في هذه الخطة.التجمّع السكّاني الفلسطيني (خان الأحمر)، الذي تعد دولة الاحتلال أراضيه لتتوسّع فيها المستوطنات القائمة في المنطقة، فيه مساكن تؤوي 21 أسرة، يبلغ عدد أفرادها 146 نفرًا، بينهم 85 طفل وفِتية. في المكان يوجد أيضًا مسجد ومدرسة أقيمت عام 2009 يدرس فيها أكثر من 150 طالبًا تتراوح أعمارهم بين 15-6 سنة، نصفهم من سكّان التجمّعات المجاورة.إن خطّة النقل القسريّ وُضعت لتخدم توسيع المستوطنات القائمة في المنطقة، ومن ضمنها المنطقة التي تسمّيها دولة الاحتلال E1، حيث يقع التجمّع في أراضٍ تعدّها دولة الاحتلال لتوسيع مستوطنة (معليه أدوميم) مستقبلاً. فخلال عام 2016 هدمت السلطات 12 مبنىً سكنيًّا هناك، مخلّفة بذلك 60 شخصًا بلا مأوىً من ضمنهم 35 قاصرًا. فمن بين الساعين في رَكْب الخطّة جمعيات المستوطنين. حيث في يوم الأحد الموافق 27 آب، تظاهر مئات المستوطنين قرب التجمّع السكّاني (خان الأحمر) ومعهم عضوا الكنيست: “شولي معلم و موطي يوجيف” (كلاهما من حزب “البيت اليهودي”)، مطالبين الحكومة بالسعي إلى هدم التجمّع.وجدير بالذكر أنه بتاريخ 19 فبراير من العام 2017، وصلت قوّات كبيرة من طرف الإدارة المدنية وشرطة دولة الاحتلال إلى التجمّع، ووزّعت 39 أمر وقف عمل (تتبعها عادةً أوامر الهدم) في جميع المباني داخل المجمّع ومن ضمنها المدرسة.وبالفعل يوم الأربعاء الموافق 13 سبتمبر 2017، وصل مندوبون عن الإدارة المدنية وجيش دولة الاحتلال إلى التجمّع ، وبلّغوا ممثّلي التجمّع أنّه سوف يتمّ إخلاؤه من سكّانه، وأنّ دولة الاحتلال قد أعدّت لهم – دون استشارتهم – موقعًا بديلاً يسمّى “جبل معرب” المحاذي لمزبلة أبو ديس.فعلى ما يبدو أن الإدارة المدنيّة لدولة الاحتلال قد سارعت إلى عقد اللقاء نظرًا لاقتراب موعد جلسة في محكمة العدل العليا الاسرائيلية، ستُعقد في 25 من الشهر الجاري – سبتمبر- للنظر في التماس قدّمه التجمع ضدّ خطّة الدولة لهدم مبانيه والتماس آخر قدّمته المستوطنات القائمة في المنطقة مطالِبة بالإسراع إلى تنفيذ هدم تلك المباني؛ حيث تريد الدولة أن تُبرز للعالم ومن خلال المحكمة صورة زائفة تظهر فيها وكأنّها تعمل بحُسن نيّة وبالتشاور مع التجمّع السكّاني.<strong><u>ثانيا: وصف الخطة بميزان للقانون الدولي:</u></strong>إن مجموعة السياسات والاجراءات غير القانونية ، التي انتهجتها قوات الاحتلال الاسرائيلي تجاه الأرض و السكان الفلسطينيين، من خلال نقل أجزاء من سكان دولة الاحتلال إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإبعاد ونقل بعض سكان الأرض المحتلة داخل هذه الأرض وخارجها، هي مخالفة لأحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الأممية.حيث إن خطة دولة الاحتلال العسكري الاسرائيلي بشأن “تدمير ممتلكات ونقل سكان التجمع السكني خان الأحمر قسرا”، يؤكد عدم احترام دولة الاحتلال لتفاهمات أسلو الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وقوات الاحتلال الاسرائيلي عام 1994م، وهو ما يرتب الأثر القانوني المتمثل في الالغاء الصريح الاحادي من قبل دولة الاحتلال لتلك التفاهمات الثنائية، والتي لا تغير من الوصف القانوني لتلك الأراضي الفلسطينية باعتبارها اراضٍ محتلة. تنطبق عليها أحكام قواعد القانون الدولي الإنساني وخصوصا (اتفاقية جنيف الرابعة 1949م والبروتوكول الاضافي الاول الملحق بها لعام 1977م).فقواعد القانون الدولي المنطبقة على الأراضي الفلسطينية المحتلة الملزمة لدولة الاحتلال الاسرائيلي تمنع تهجير السكان إلى خارج المنطقة المحتلة أو نقلهم قسرا داخل حدود هذه المنطقة “أيا كان الدافع”. فمنع التهجير لا يقتصر فقط على التهجير باستخدام القوة الفعلية، فمحكمة جرائم الحرب ليوغسلافيا حددت أن: “المنع يتناول أيضا الحالات التي يغادر فيها الناس بيوتهم بدون رغبة حرة أو نتيجة الضغط الواقع عليهم وعلى عائلاتهم”. وعليه، فإن الرحيل عن التجمع في أعقاب ظروف معيشية شاقة تسببت فيها السلطات – على سبيل المثال من خلال هدم منازلهم أو فصلهم عن البنى التحتية للماء والكهرباء – اعتبرت تهجيرا ممنوعاً.إن هذه الخطة التي يجري تنفيذها بحق التجمع، تعد مخالفات جسيمة لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الاضافي الأول الملحق بها، ترتكبها دولة الاحتلال بشكل ممنهج وفي اطار خطة واسعة النطاق، ما يشكل جريمة حرب بموجب أحكام المادة ( 8) الفقرة (2/ب/8 ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المتمثلة بــ : <strong>قيام دولة الاحتلال</strong>أ( على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل, بعض من سكانها إلى الأرض التي تحتلها؛ أوب( بإبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو بعضهم داخل هذه الأرض أو خارجها.<strong>ما يتحقق معه المسئولية الجنائية الدولية</strong> بموجب المواد (25 و 28) من النظام، بحق جميع المسئولين عن اقترافها، وهكذا فإن المسئولية عن هدم بلدات فلسطينية تقع من بين من تقع عليهم، على رئيس الحكومة ووزير الدفاع ووزيرة القضاء وزملائهم الوزراء ورئيس هيئة الأركان وذوي مناصب رفيعة أخرى في الجيش ورئيس الإدارة المدنية الذي يعمل بتعليمات الحكومة في دولة الاحتلال العسكري الاسرائيلي.<strong><u>ثالثاً: النتائج المترتبة على الاستمرار بالمخطط:</u></strong>رسّخت الاجراءات والممارسات للخطة التهديد الجغرافي والديمغرافي بحق الأرض والسكان الفلسطينيين، ويؤكد على النوايا الحقيقية للاحتلال بالسيطرة على مدينة القدس، فقد رتبت هذه الخطة النتائج التالية:<ul> <li>هدم ممتلكات سكان التجمع السكني الفلسطيني (خان الأحمر)، يسهل لدولة الاحتلال تهجير سكانه قسرا.</li> <li>إن منع قوات الاحتلال وصول الخدمات والبنى التحتية في التجمع ينذر بكارثة صحية وبيئية في التجمع.</li> <li>تعد هذه الخطة إلغاءً صريحاً لاتفاقية أوسلو، وتنصل دولة الاحتلال من التزاماتها بموجبها، واعتبار كافة الجهود السياسية الدبلوماسية بقيمة العدم.</li> <li>السماح للمستوطنين الاسرائيليين في الاراضي الفلسطينية المحتلة بامتلاك أراض ومساحات وعقارات لتسهيل عملية التوسع الاستيطاني.</li> <li>تشكل هذه الخطة سابقة لم يسبق لها مثيل منذ الاحتلال الاسرائيلي عام 1967 للأراضي الفلسطينية، ما يرسخ وقائع مادية جديدة على أرض الواقع لا يمكن دفعها في المستقبل.</li> <li>إن تنفيذ الخطة يعد مخالفات جسيمة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الاضافي الأول، تشكل جريمة حرب بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يتحقق معه مسئولية جنائية دولية بحق كل الجهات والأطراف الساعية لتنفيذ هذا المخطط.</li></ul><strong><u>رابعاً: </u></strong><strong><u>التوصيات لمواجهة الخطة:</u></strong>إن مثل هذه الاجراءات الممنهجة من قبل دولة الاحتلال الاسرائيلي بحق الأرض والسكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، يجب أن يتم وقفها على الفور اليوم قبل الغد لما لها من تبعات وأثار وخيمة، لذلك فإننا نوصي بالاتي:<ul> <li>على السلطة الوطنية الفلسطينية البدء بإجراءات منع دولة الاحتلال الاسرائيلي من خلال الزامها بالتفاهمات الثنائية، وتمكين سكان التجمع السكاني الفلسطيني (خان الأحمر) للقدرة على البقاء.</li> <li>مطالبة الامين العام للأمم المتحدة وضع هذا الموضوع على أولويات أجندة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتبني مشروع قرار انهاء الاحتلال ووقف التوسع الاستيطان.</li> <li>على اللجنة الوطنية العليا المسئولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، بإحالة الملف الخاص بالاستيطان، بموجب المادة(14) من النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لضمان الشروع في اجراءات التحقيق الجدي والمحاكمة، والبدء في استخدام الأليات الدولية لمحاسبة الاحتلال.</li> <li>الضغط على الاجسام الدولية ( مجلس الامن، ومجلس حقوق الانسان، والمؤسسات الدولية، والاطراف المتعاقدة السامية) بالعمل على اجبار دولة الاحتلال احترام القانون الدولي الانساني والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، وتبني قرار لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي على الاراضي الفلسطينية، ومحاسبة مقترفي الانتهاكات وانفاذ القرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية<strong>،</strong></li> <li>مطالبة احرار العالم بالوقوف جنبا الى جنب مع العدالة، لمنع الانتهاكات و المخالفات الجسيمة لحقوق الشعب الفلسطيني، والتحرك العاجل باتجاه عزل ومقاطعة ومحاسبة الاحتلال الاسرائيلي، فمن حق الشعب الفلسطيني أن ينعم بالحرية والعدالة وتقرير المصير.</li></ul>