عقوبات جماعية ضد قطاع غزه تنتهك القانون الأساسي وتحط من الكرامة الإنسانية
ورقة موقف
عقوبات جماعية ضد قطاع غزه تنتهك القانون الأساسي وتحط من الكرامة الإنسانية
الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) تحذر من مغبة التمادي والإمعان في ممارسة العقوبات الجماعية ضد أبناء شعبنا في قطاع غزه من قبل الرئيس أبو مازن وحكومة الدكتور رامي الحمد لله، والتي أسهمت في تدهور الظروف الإنسانية في قطاع غزة، الذي عانى على مدار السنوات السابقة من العدوان والحصار والانقسام. وعوضاً عن قيام الرئيس وحكومة الحمد لله باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتخفيف المعاناة عن أبناء شعبنا في قطاع غزة. اتخذت مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء سلسلة من الخطوات العقابية، والتي تندرج في إطار العقوبات الجماعية، والتي حظرها القانون الأساسي الفلسطيني ([1]) ، تحت ذريعة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.
وخلال فترة الانقسام تم اتخاذ العديد من العقوبات الجماعية ، كطلب التوقف عن العمل ووقف علاوات الموظفين في قطاع غزه، ومنع التعيينات الجديدة، وقطع رواتب الموظفين، ومنع اصدار جوازات سفر لبعض المواطنين في القطاع، وعدم دفع مستحقات شهداء عدوان 2014، ورفع الحصانة البرلمانية وقطع رواتب بعض النواب، وحرمان سكان قطاع غزة من الانتخابات المحلية، وغير ها من الانتهاكات.
وعلى مدار الأشهر الأخيرة المنصرمة رصدت وتابعت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني” حشد “، العقوبات الجماعية التالية :-
أولا: العقوبات الجماعية بحق قطاع غزة :
- تخفيض رواتب الموظفين:-
قامت السلطة وبدون قرار معلن ورسمي بتخفيض (30)% من رواتب الموظفين ، تحت ذريعة أزمة مالية وإنهاء الانقسام، وذلك بتاريخ 03 يونيو2017، حيث قامت السلطة الوطنية الفلسطينية ( وزارة المالية والجهات المالية العسكرية ) بزيادة الاستقطاع على موظفي قطاع غزة من 30% إلي 50 % ([2]).وجدير ذكره أن قرارات التخفيض اقتصرت على موظفي قطاع غزة.
- قطع رواتب الموظفين
أنتج الانقسام السياسي حالة من عدم التوازن والتكافؤ بين العاملين في الوظيفة العامة في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث صدرت مجموعة من القرارات طالت بدورها موظفي قطاع غزة من بينها وقف صرف الرواتب لمئات الموظفين، وخصم مبالغ العلاوات الإشرافية وبدل الانتقال والعلاوة الاجتماعية المخصصة لهم ولأسرهم والمتعلقة بإضافة الزوجة والأولاد، وعلاوة طبيعة العمل ، والحرمان من الترقيات وتجميدها ، والاستبعاد من الهيكليات في الوزارات المختلفة، واستثناء مواطنين وموظفي قطاع غزة من إعلانات التوظيف ، فمنذ الانقسام بدأت حكومة رام الله في إتباع سياسة قطع الرواتب لموظفين من قطاع غزه لأسباب سياسية من عسكريين ومدنيين، طالت من عملوا مع حكومة غزه، أو المقربين منها، ومن رفعت بهم تقارير كيدية. في عهد حكومة الوفاق قامت بقطع رواتب المئات من الموظفين بحجة تأييدهم للنائب محمد دحلان.
من بينهم مدنين وعسكرين ومتقاعدين على الرغم من عدم وجود عقوبة او اصطلاح في التشريع الفلسطيني يسمى قطع الرواتب وليس له تعريف قانوني ، ولم يرد له ذكر في التعريفات العامة للقانون ، ولا في العقوبات التأديبية. عدا عن كون هذه القرارات مخالفة للقانون الأساسي ولقانون الخدمة المدنية وقانون الخدمة في قوي الامن، إضافة الي صدور القرارات عن غير جهات اختصاص وبدون المثول امام هيئة تحقيق او محكمة مختصة. مما سبق يظهر بان موظفي قطاع غزه هم المتضرر الأكبر من سياسة قطع الرواتب ووقف العلاوات والبدلات والترقيات والتعيينات.
- قطع رواتب أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني:-
اتخذت السلطة قراراً يقضي بوقف رواتب (47) نائباً من نواب المجلس التشريعي، ومنهم (37) من كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس، و(10) نواب من كتلة فتح البرلمانية المحسوبين على النائب محمد دحلان. وكذلك بتاريخ 09 يوليو ( تموز) 2017 تناقلت أعداد كبيرة من وسائل الإعلام حول وجود قرار “غير مكتوب”، صدر عن وزارة المالية يفيد بقطع الرواتب عن نواب كتلة (التغيير والإصلاح)، التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس([3]).
حيث اكد النائب عن حماس أيمن دراغمة لـ معا أنه توجه لوزارة المالية اليوم الاحد، للاستفسار حول عدم صرف راتبه عن الشهر الماضي، وأنه بلغ شفويا من مسؤول بالوزارة ان السلطة الفلسطينية قررت قطع رواتبهم دون إبداء الأسباب[4] .
كما وأكدت مؤسسة الحق على تلقيها كتاباً بتاريخ 9/7/2017 من 37 نائباً من كتلة التغيير والإصلاح في الضفة الغربية يفيد بأنه قد جرى قطع رواتبهم دون إبداء أية أسباب أو تسليمهم قرارا بهذا الخصوص. وعند مراجعة النواب وزارة المالية، جرى إبلاغهم على نحو غير رسمي أن ثمة قرار غير مكتوب من قبل السيد الرئيس محمود عباس موجه إلى وزير المالية بهذا الخصوص. وذلك على غرار قطع رواتب نواب التغيير والإصلاح في قطاع غزة منذ عام 2007[5]. وبتاريخ 06 حزيران ( يوليو) 2017 حول قيام وزارة المالية وذلك لأسباب تتعلق بمواقفهم وآرائهم السياسية([6]).
إن قطع رواتب أعضاء المجلس التشريعي، يدلل على حجم تغول السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى، واستهتاراً بأحكام القانون الأساسي، الذي ينص على مبدأ الفصل بين السلطات([7])، كما يشكل تعدياً على الحصانة البرلمانية([8])، ومخالف لقانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي .
- قطع رواتب الأسرى المحررين:-
قامت قرار السلطة الوطنية ممثلة بوزارة المالية بقطع رواتب ما يقارب من 277 أسير محرر، جزء منهم من المبعدين إلى قطاع غزة ([9])، ووفقا للمعلومات التي أدلي بها الأسير المحرر: زيد الكيلاني، عبر الهاتف، للدائرة القانونية في الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، أكد على أن عدد من الأسرى المحررين ومن بينهم عدد من المبعدين إلى قطاع غزة ، قد تفاجئوا بقطع رواتبهم الشهرية عندما توجهوا للبنوك لاستلامها، وتبين لهم من خلال مراجعة البنوك بعدم وجود رواتب في حساباتهم، وأضاف بأن السيد عيسي قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى وزير الأسرى الأسبق، أرجع صدور هذا القرار إلى قرارات من جهات عليا([10].(
- إحالة 6000 موظف مدني للتقاعد المبكر من قطاع غزة:
بتاريخ4 يوليو ( تموز) 2017، صدر قرار من الحكومة الفلسطينية في رام الله – إحالة أكثر من 6000 موظف مدني في قطاع غزة إلى التقاعد المبكر، مبرراً هذا الإجراء “رفض حركة حماس مبادرة الرئيس محمود عباس لإنهاء الانقسام([11]). والجدير ذكره أن الرئيس عدل قانون قوى الأمن الخاص بالعسكريين لجهة الأخذ بالتقاعد المبكر، لتفريغ قطاع غزة من الوظيفة العامة، ولكن التقاعد شمل المدنيين وليس العسكريين، علماً بأن قانون الخدمة المدنية لم يتم تعديله. كما تنوي السلطة إحالة 5000 موظف مدني على راس عملهم خاصة في قطاعي الصحة والتعليم في غزة الي التقاعد المبكر ، ومن الجدير بالذكر بان المعلومات لا تزال متضاربة حول تقاعد الموظفين، لعدم وجود قرارات إدارية وإبلاغ أصحاب الشأن بها حسب الأصول. ما يعكس استهتار السلطة بحاضر ومستقبل الموظفين، وما تتركه من حالات قلق وهلع، وتداعيات إنسانية واقتصادية على حياتهم وحياه اسرهم .
- وقف التحويلات الطبية وتوريد الأدوية للأمراض المزمنة:-
يعاني سكان قطاع غزة من كارثة عدم الحصول على الحق في الصحة من خلال التحويلات، لعدم إعطاء سلطات الاحتلال موافقة أمنية للمرضى أو مرافقيهم ، وتعمقت الأزمة مع وقف غير معلن للتحويلات الطبية من السلطة . وأشارت التقارير إلى أن هناك ما يزيد عن 1750 طلب جري رفضه أو المعالجة ببطيء شديد، ما أسفر عن تفاقم الأوضاع الصحية لآلاف المرضى من سكان قطاع غزة الذين تعجز مستشفيات القطاع عن تقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم، وأدى إلى وفاة ما لا يقل عن سبعة أشخاص (ثلاثة منهم من الأطفال) خلال الأيام الأخيرة ، ثم ارتفع العدد إلى (17) حالة وفاة نتيجة رفض تحويلهم للعلاج في الخارج.
وما يزيد من تفاقم الأوضاع الصحية في قطاع التي قد تشهد انهيار كامل في أي لحظة، أن انعدام توفر قرابة 170 صنفا من بين أصناف العلاج الضروري، من بينها 37 صنف من أدوية مرض السرطان، و أن هنالك قرابة 40% عجز في المستلزمات والمستهلكات الطبية، مما يهدد بتراجع الخدمات الصحية التي تقدمها مشافي القطاع ومن بينها زراعة الكلى، وجراحة المفاصل، وجراحة القلب، والقسطرة القلبية([12]).
ويندرج التباطؤ والرفض والتلكك في التحويلات الطبية في إطار العقوبات الجماعية، التي تتصاعد ضد أبناء شعبنا في قطاع غزه يوماً بعد يوم.
- قرار تقليص مد قطاع غزة بالكهرباء عبر الخطوط الإسرائيلية:-
أشارت تقارير إسرائيلية الى أن السلطة الوطنية، طالبت بتخفيض الخط الإسرائيلي المغذي لقطاع غزة بالكهرباء ، وكعادتها نفت السلطة صحة هذه الأخبار.
وبتاريخ 19 (يونيو) 2017 تم تقليص خط الشعف المغذي لمحافظة غزة من 12 ميجاواط إلى 6 ميجاواط، كما تم تقليص خط رقم 8 المغذي لمحافظة خانيونس من 12 ميجاواط إلى 6 ميجاواط، وحاليا المتوفر من الكهرباء من الجانب “الإسرائيلي” هو 88 ميجاوات فقط نظرا لرغبة وزارة المالية في السلطة الفلسطينية بعدم تسديد هذه الفاتورة تحت إدعاء عدم قيام الجهات الحكومية في غزة بتوريد أموال الجباية إلى الخزينة العامة([13]).
وقد بلغت نسبة التخفيض للكهرباء الموردة من إسرائيل إلى (50)%، الامر الذي فاقم من معاناة المواطنين وسبب أضرار بكافة القطاعات الخدمية وبحالة حقوق الانسان.
فقطاع غزة قبل التخفيض كان يعاني من عدم انتظام التيار الكهربائي وبات بعد قرار التخفيض يعاني من ازمة خانقة فالكهرباء الواردة لقطاع غزة باتت لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين .
- حجب مواقع الكترونية:-
أفادت مصادر مُطّلعة أن السلطة الفلسطينية سلّمت النيابة العامة بالضفة الغربية المحتلة قائمة بأسماء مواقع إنترنت فلسطينية وعربية لحجبها عن المتصفحين، وأوضحت المصادر لوكالة الصحافة الفلسطينية (صفا) أن القائمة شملت أكثر من 40 موقعًا إلكترونيًا تتهمها السلطة بمعارضة نهجها السياسي([14]). وتقدم المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان شكوى إلى مقر الأمم المتحدة ضد السلطة الفلسطينية لإقدامها على حجب مواقع إعلامية وصفحات تواصل اجتماعي([15]).
- إصدار القرارات بقوانين بشأن التقاعد المبكر للموظفين العموميين العسكريين والمدنيين:
بتواريخ متقاربة، إصدار ونشر وبدء إنفاذ وتنفيذ كلا من القرار بقانون رقم (9) لسنة 2017م بشأن التقاعد المبكر لقوى الأمن الفلسطينية، ونشره في الجريدة الرقم العدد 132، والقرار بقانون بدون رقم ( ) لسنة 1207، بشأن التقاعد المبكر للموظفين المدنيين، حيث تسرى أحكام القرار بقانون المتعلق بالتقاعد المبكر لقوى الأمن الفلسطينية على ضباط وضباط صف وقوى الأمن الفلسطينية الخاضعين لقانون الخدمة في قوى الأمن الفلسطينية رقم(8) لسنة 2015 وذلك وفقا لنص المادة الاولي منه، فيما تسرى أحكام القرار بقانون المتعلقة بالتقاعد المبكر للموظفين المدنيين على كافة الموظفين المدنيين في دولة فلسطين بما فيهم موظفي السلك الديبلوماسي، وفقا للمادة الأولي منه، بينما نصت المادة الثانية أنه يجوز لمجلس الوزراء إحالة أي موظف للتقاعد المبكر بتنسيب من دائرته الحكومية.
إن القرارات بقانون، المشار اليها أعلاه، صدرت من قبل الرئيس محمود عباس، بناء على إحالتها له من مجلس الوزراء، بعد دراستها من قبل أعضاء المجلس، وذلك بموجب الإجراءات المتبعة بعد الانقسام لإصدار هذا – النوع الاستثنائي- من القرارات بقانون، استناداً للمادة (43) من القانون الأساسي التي تجيز للرئيس إصدار مثل تلك القرارات في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي.
إن هذه القرارات عدم قانونية كونها لا تحقق أي مصلحة عامة، بل من الواضح إنها جاءت لتحقيق أهداف سياسية على حساب القانون وحقوق الموظفين الذين لم يحصلوا على حقوقهم في العلاوات وغيرها على مدار فترة الانقسام بالرغم أن عدم تواجدهم على رأس عملهم كان بموجب قرار رئاسي، كما إنها تندرج في إطار سياسة حكومية عنصرية تستهدف موظفي قطاع غزة، وعائلاتهم فقط، وتلقي بهم على قارعة الفقر والعوز، وتتناقض مع فكرة التقاعد وفلسفته المرتكزة على حماية وصون كرامة المواطن (الموظف) وعائلاتهم. وهذه القرارات بقانون الصادرة عن الرئيس، غير دستورية ليس لكونها فقط لا تستجيب لمقتضيات الضرورة بل لكونها أيضا تحمل مخالفة واضحا للقانون الأساسي الفلسطيني والقوانين الوطنية المنظمة للخدمة المدنية والخدمة في قوي الامن، و قانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005م وتعديلاته. كما أن دخولها حيز النفاذ الفعلي يرتب مخاطر على كلاً من الخدمات التي تقدمها وزارتي الصحة والتعليم في قطاع غزة، حيث يستهدف هذا القرار الالاف من هؤلاء الموظفين الذين يملكون خبرات واسعة، مما سوف يخلق أزمة جديدة في قطاع غزة، يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني.
ثانياً: الموقف القانوني :
في ضوء تواتر الأنباء عن نية السلطة اتخاد مزيد من العقوبات ضد قطاع غزه، كإحالة كل موظفيها للتقاعد وفق قانون التقاعد الجديد، سيئ الصيت، وقطع خطوط الاتصال والانترنت، ووقف الحوالات المالية من وإلى قطاع غزة.، وغيرها من العقوبات، و في ظلال ذلك تحذر الهيئة الدولية من مخاطر استمرار العقوبات الجماعية المتخذة من السلطة كونها تأتي مترافقة مع عقوبات جماعية يعيشها السكان المدنيين في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع. فلقد تابعت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني كل عقوبة جماعية على حدة، وحددت موقفاً منها ، وها هي الوقائع العملية تدلل من جديد على أن العقوبات الجماعية باتت سياسية ثابتة وواضحة المعالم .
وتؤكد الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني(حشد)، على عدم دستورية العقوبات الجماعية لمخالفتها النص الصريح للمادة ( 15) من القانون الأساسي سالفة الذكر، وهي جريمة من جرائم حقوق الإنسان ، التي لا تسقط بالتقادم ([16]). هذا عدا عن عدم احترام مؤسستي الرئاسة ومجلس الوزراء لسيادة القانون، التي تعتبر أساس الحكم في فلسطين( [17].)، كما تعكس هذه العقوبات الجماعية انتهاكاً واضحاً وصريحاً لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة (2) من القانون الأساسي، حيث تتخذ مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء هذه العقوبات الجماعية دون أساس من الدستور أو القانون ، ولا يندرج ضمن صلاحيتهما وقف الرواتب وتخفيضها ووقف التحويلات الطبية وتخفيض كمية الكهرباء الموردة من إسرائيل. والأكثر خطورة في هذه العقوبات الجماعية تعديها بشكل صارخ على مبدأ المساواة أمام القانون والقضاء([18]) ، فالإجراءات والقرارات والعقوبات الجماعية طالت أبناء شعبنا في قطاع غزة دون سواهم من جانب، والمعارضين لمؤسستي الرئاسة ومجلس الوزراء من جانب أخر. . من الواضح أن هذه العقوبات تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان وحرياته المنصوص عليها في المادة (10) من القانون الأساسي، وعدم وفاء السلطة لالتزاماتها التعاقدية المنصوص عليها في الاتفاقيات التي انضمت إليها، وخاصة العهد الدولي بالحقوق السياسية والمدنية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية سيداو، واتفاقية حقوق الطفل، فقد تسبب العقوبات الجماعية في انتهاك فادح لكافة الحقوق الواردة في القانون الأساسي وجملة التشريعات ذات الصلة، التي ينبغي على السلطة ان تكفلها وتحميها.
وتري الهيئة ان واجبها ان توضح بان هذا العقوبات تشكل جرائم تستوجب المسالة والمحاسبة والعقاب وفق ما نصت علية المادة (32) من القانون الأساسي الفلسطيني والتي اكدت بان كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتضمن السلطة الوطنية تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الضرر.
التوصيات:
الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) اذ تعبر عن رفضها القاطع للمبررات السياسية الواهية، وتذرع الرئيس والحكومة بنيتهما إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، كون هذه العقوبات الجماعية يدفع ثمنها المواطنين، فالمصالحة لا تتم بأي ثمن والتضحية بحقوق الانسان، كما أن تحقيقيها يتم عبر الحوار الوطني الشامل الذي يفضي الى شراكة سياسية حقيقة وإعادة توحيد وتفعيل مؤسسات النظام السياسي بالحوار و التوافق الوطني، وليس بالعقوبات الجماعية على المواطنين، وبالحط من كرامتهم الإنسانية بحرمانهم من حقوقهم وأرزاقهم ، ومعاقبتهم وتحويل حياتهم الي جحيم يقترب الي مستوي الكارثة الإنسانية ، فيكفي الفلسطينيين معاناتهم بسبب جرائم الاحتلال الإسرائيلي ، فالفلسطينيون هم أكثر الشعوب التي عانت من العقوبات الجماعية واكتوت بنارها منذ وقوعهم تحت الاحتلال الإسرائيلي وحتى وقتنا الحاضر من خلال فرض قيود و وسائل لا انسانية وغير قانونية ، ولقد ازدادت وتيرتها وشراستها في الفترة الأخيرة من استيطان وعدوان مستمر وبناء جدار وتهويد مدنية القدس، وحصار ظالم على قطاع غزة منذ عشر سنوات ومضاف اليه حالة انقسام سياسي كانت اخر تجلياتها اتخاد الرئيس والحكومة الفلسطينية في رام الله سلسلة من العقوبات الجماعية التي مست بالموظفين والمدنيين وكافة القطاعات السكانية في قطاع غزة ، وبهدف وضع حد جدي لهذه العقوبات وما تسببه من أزمات إنسانية كارثية ، فإن الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني ( حشد ) تؤكد على التالي:-
- حشد تؤكد عدم دستورية ومشروعية العقوبات الجماعية كونها مخالفة واضحة للقوانين الفلسطينية، وتشكل جرائم تستوجب المساءلة والمحاسبة بنظر القانون الأساسي الفلسطيني وجملة المواثيق الدولية وقواعد القانون الدولي.
- حشد تطالب الرئيس محمود عباس والحكومة الفلسطينية بالتراجع الفوري عن هذا القرار ات وإلغاء كافة أشكال العقوبات الجماعية التي تم اتخاذها ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة، ووقف اتخاذ أية خطوات جديدة، والعمل على تحييد الموظفين والمواطنين والقطاعات الخدمية عن أي صراع أو نزاع سياسي أو إداري.
- حشد تدعو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والأحزاب السياسية وكافة مؤسسات المجتمع المدني للقيام بواجبهم الوطني والأخلاقي وممارسة دورهم في الضغط اللازم للتصدي للعقوبات الجماعية، بالشجب والإدانة والتجمعات السلمية، والمطالبة بمحاسبة متخذي هذه القرارات.
- حشد تطالب بتفعيل كافة الجهود الوطنية والنقابية والمجتمعية السلمية والقانونية والقضائية للاعتراض على هذا الإجراءات والعقوبات الجماعية،
- حشد تدعو حكومة التوافق عدم التخلي عن التزاماتها ومسؤولياتها القانونية والأخلاقية والإنسانية تجاه مواطني قطاع غزة فهي مسؤولة عن حماية حقوق المواطنين وتوفير كافة الاحتياجات الضرورية لكافة القطاعات الخدمية.
- حشد تطالب الجهات الرسمية الحاكمة في قطاع غزة باعتبارها المسيطر الفعلي على قطاع غزة الي القيام بواجباتها مسؤولياتها من خلال اتخاذ إجراءات واقعية وجدية متكاملة لتعزيز مستوي الخدمات، والتخفيف من وطأة الفقر والبطالة، وحماية الحقوق والحريات، وإعادة النظر في منهج الجباية الضرائب وإعادة تقييم تدخلاتها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية لتسجم مع الظروف الحالية الكارثية لسكان قطاع غزة .
- حشد تدعو الرئاسية والفصائل الفلسطينية الحرص على استكمال متطلبات إتمام المصالحة الوطنية بالحوارات وتشكيل حكومة وحدة وطنية لتمهيد الطريق لأجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ومحلية والمجلس الوطني، لحين إتمام ذلك مطلوب وقف العقوبات الجماعية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز صمود الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة.
- حشد تطالب المجتمع الدولي والدول العربية وخاصة جمهورية مصر العربية بممارسة الضغوط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، وعلى مؤسستي الرئاسة ومجلس الوزراء لوقف العقوبات الجماعية، والتحرك الجاد لمعالجة الأزمات الإنسانية المتفاقمة لدي سكان قطاع غزة .