أبرز ردود الفعل الدولية الرسمية على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال
ورقة بحثية حول:
“أبرز ردود الفعل الدولية الرسمية على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال”
رامي محسن – نشوى عابد
- مقدمة:
في 29 تشرين الثاني/نوفمبر1947، أقرت الأمم المتحدة قرار لتقسيم فلسطين إلى دولتين لشعبين، إحداهما عربية وأخرى إسرائيلية، وأوصت بوضع مدينة القدس تحت السيطرة الدولية، وافق زعماء الحركة الصهيونية على القرار، بينما رفضها القادة العرب ما أدى إلى اندلاع موجة هبات ما بين العرب واليهود، وبعد انتهاء الانتداب البريطاني، و قيام حالة الاحتلال الحربي الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، أعلنت دولة الاحتلال القدس الغربية عاصمة لها، بينما بقيت القدس الشرقية تحت سيطرة الأردن، وبعد احتلال اسرائيل للقدس الشرقية عام 1967، أعلنتها عاصمتها الأبدية والموحدة عام1980م، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي ومن بينها الولايات المتحدة.
ومع بداية 1995 وكنتيجة للانحياز الأمريكي الأعمى للاحتلال، أقرّ الكونغرس قانوناً ينص على “وجوب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل”، ويطالب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ورغم إلزامية القانون، إلا أنه تضمن بنداً يسمح للرؤساء بتأجيل نقل السفارة ستة أشهر تحت ذريعة حماية “مصالح الأمن القومي”، وعليه فقد قام الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين وبصورة منتظمة بالتوقيع على أمر تأجيل نقل السفارة مرتين سنوياً، معتبرين أن الظروف لم تنضج بعد.
وعقب فوز “ترامب” برئاسة الولايات الأمريكية، ومن باب إرضاء القاعدة اليمينية المؤيدة لدولة الاحتلال، والتي ساعدته في الفوز بالرئاسة، أعلن بتاريخ 6/12/2017 أن القدس الموحدة عاصمة لدولة الاحتلال، ووعد بنقل سفارة بلاده إليها بما لا يتعدى حدود 2018، وهو بهذا القرار قد خالف السياسة الأمريكية المتعاقبة منذ عشرات السنين فيما يتعلق بمدينة القدس.
يرى الفلسطينيين بأن الإدارة الأمريكية قبل ذلك الإعلان، كانت وسيطاً وطرفاً راعياً لمفاوضات السلام بين الجانبين، وأصبحت بقرارها ذلك شريك للاحتلال، في خرق قواعد القانون الدولي الإنساني، ولقرارات الشرعية والدولية التي تؤكد على أن مدينة القدس الشرقية محتلة وينطبق عليها ما ينطبق على بقية الأراضي المحتلة عام 1967م، ما يؤكد بأن الادارة الأمريكية قد فقدت مصداقيتها وأهليتها.
- تداعيات نقل السفارة الأمريكية الى القدس:
تشكل هذه الخطوة المتهورة خرقاً فضاً لمبادئ الشرعية الدولية، ولأحكام القانون الدولي الإنساني ولكافة القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية منذ نشأتها، لاسيما قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ هذا الإعلان يشكل انحيازاً واضحاً للاحتلال على حساب حقوق شعبنا التاريخية، ما سينسف حل الدولتين، كما وسيخرج الولايات المتحدة من لعب أي دور في مسألة التسوية، وسيعزز موقف حكومة “نتنياهو” واليمين المتطرف في دولة الاحتلال، وما يعنيه ذلك لفتح شهيتها لمزيداً من أعمال التنكر لحقوق الفلسطينيين، كما من شأنه أن يضفي نوعاً من شرعنة مخططات وانتهاكات الاحتلال في المدينة[1]، وعليه فإن “ترامب” يكون قد انتهك مبادئ القانون الدولي والإنساني وقرارات الشرعية الدولية المستقرة بشأن القدس، على النحو التالي:
أولاً: إن القرار الأميركي يُعتبر اعترافاً من واشنطن بالرواية الإسرائيلية المزعومة والقائلة بأن القدس بشطريها الغربي والشرقي، موحدة بصفتها عاصمة أبدية لدولة الاحتلال.
ثانياً: إن القرار الأميركي يعتبر مخالفاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني، الذي يجرم احتلال أو تشجيع احتلال أراضي الغير بالقوة، بل ويحرّم مجرد التهديد باستخدام القوة في العلاقات الدولية.
ثالثاً: القرار الأميركي يعتبر مخالفاً لقرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، والقاضي بقيام دولتين (يهودية وفلسطينية) ومنح القدس وضعاً قانونياً خاصاً تحت وصاية الأمم المتحدة.
رابعاً: القرار الأميركي مخالف لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق بالقدس، كأرض عربية محتلة، وتنص على تجريم وإبطال الإجراءات التي تتخذها دولة الاحتلال بشأن القدس، ونورد بعض تلك القرارات:
– قرار رقم 2253 الصادر عام 1967 عن الجمعية العامة، والذي ينص على دعوة القوة القائمة بالاحتلال إلى إلغاء التدابير المتخذة لتغيير وضع مدينة القدس.
– قرار مجلس الأمن بتاريخ 25 سبتمبر/أيلول 1971 الذي “يؤكد أن كل الإجراءات التشريعية والدستورية التي تتخذها إسرائيل لتغيير معالم المدينة، بما في ذلك مصادرة الأراضي ونقل السكان، وإصدار التشريعات التي تؤدي إلى ضم الجزء المحتل من المدينة إلى دولة الاحتلال، باطلة ولا أثر لها، ولا يمكن أن يغير وضع المدينة القانوني.
– قرار رقم 50/22 (ألف، باء) الصادر بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول 1995 عن الجمعية العامة، والمتضمن “شجب انتقال البعثات الدبلوماسية إلى القدس.
خامساً: القرار الأميركي مخالف لاتفاقية أوسلو، لأنه يسهل نقل السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس المحتلة، وبهذا لا يجوز نقل السيادة على القدس المحتلة إلى إسرائيل كدولة احتلال.
سادساً: القرار مخالف للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص الجدار، والذي أكد انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
سابعاً: إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس يعزز فرضية السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس الشرقية والغربية، بناء على قرار الكنيست الإسرائيلي بضم المدينة بصفتها “العاصمة الأبدية” لدولة الاحتلال.
ثامناً: إن نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة، من شأنه شرعنة الخطوات الأحادية والتهويد التي أقدمت عليها دولة الاحتلال بحق المدينة.
تاسعاً: يمثل الاعتراف الأميركي ونقل السفارة إلى القدس المحتلة، انقلاباً على تعهدات جميع الإدارات الأميركية السابقة بشأن القدس.
عاشراً: الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة للاحتلال يخالف مبدأ عدم جواز الاعتراف بالأوضاع غير المشروعة، وهو التزام على دول العالم بالامتناع عن الاعتراف بأي مكاسب إقليمية غير مشروعة، انسجاماً مع ما أكدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الإعلان المتعلق بالعلاقات الودية والتعامل بين الدول، والصادر عنها عام 1970، الذي جاء فيه أن “أية مكاسب إقليمية تم الحصول عليها عن طريق استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لا يمكن الاعتراف بشرعيتها”.
حادي عشر: إن القرار الأميركي يخالف الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويحُول دون تمكينه من حقه في تقرير مصيره، بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
- بعض ردود الفعل الفلسطينية والعربية الرسمية على قرار ترامب:
عقب قرار الرئيس الأمريكي “ترامب”، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، تعالت موجة من الاستنكار والاستياء الشديد لدى الفلسطينيين والعرب وأغلب دول العالم، كونه يخالف قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بفلسطين والقدس المحتلة، على النحو التالي:
الموقف الفلسطيني:
لوحت الرئاسة الفلسطينية بالتخلي عن أي تفاهمات مع واشنطن، وأعلنت رفضها لأي إجراء أو قرار تتخذه الإدارة الأميركية للمس بالوضع القائم في مدينة القدس، واعتبرت أن ذلك القرار يعتبر عملاً مداناً ومستهجناً، ويتعارض مع دور الإدارة الأميركية كوسيط وراعٍ لعملية السلام، وبالتالي يفقدها أهليتها لأي وساطة مستقبلية لحل الصراع، كون القرار ينطوي على مخاطر لا تحمد عقباها، ومن جانبها أدانت منظمة التحرير الفلسطينية قرار نقل السفارة واعتبرته قراراً يدمر أي فرصة لحل الدولتين[2]، وعلى إثر ذلك تقدمت بشكوى إلى مجلس الأمن بالخصوص يطالبه بإلغاء القرار، بموجبه استخدمت الولايات المتحدة لحق الفيتو في مواجهة الطلب. في حين دعت الفصائل الفلسطينية المختلفة إلى أيام غضب ومسيرات على نقاط التماس[3].
الموقف العربي:
كعادته لم يغادر مربع الإدانة والتحذير من هكذا خطوة، فقد عبرت جامعة الدول العربية بقولها “ان قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل باطل، ولا أثر قانونا، ودعت لاجتماع طارئ لوزراء الخارجية 10/12/2017، تمخض عنه بيان ختامي يستنكر ويندد بقرار ترامب، مطالبين الإدارة الأمريكية بالتراجع عن قرارها، ودعوة جميع الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية[4].
الموقف المصري:
فقد أعرب عن رفض مصر لقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأية آثار مترتبة عليه[5]، كما وأكد شيخ الأزهر رفضه للقرار، واصفاً إياه بـغير المشروع، محذراً من التداعيات الخطيرة، لما يشكله ذلك من إجحاف وتنكر للحق الفلسطيني والعربي الثابت في مدينتهم المقدسة، وتجاهل لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وملايين المسيحيين العرب، كما طالب المجتمع الدولي ومؤسساته بالعمل على إبطال أي شرعية لهكذا قرار[6]، معلناً عن رفض شيخ الأزهر استقبال نائب الرئيس الأمريكي “مايك بنس”[7].
الموقف الأردني:
أكد الناطق باسم الحكومة الأردنيّة، على إن المملكة ترفض القرار الذي يزيد التوتر، ويكرس الاحتلال، وأن المملكة تؤكد أن القدس قضية من قضايا الوضع النهائي، يجب أن يحسم وضعها في إطار حل شامل للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، سبيلاً وحيداً لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام، ووفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وأن اعتراف أي دولة بالقدس عاصمة للاحتلال لا ينشئ أي أثر قانوني في تغيير وضع القدس كأرض محتلة، وفق ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية في قرارها حول قضية الجدار العازل[8].
الموقف اللبناني
وصفت الحكومة اللبنانية القرار بأنه خطير ويهدد صدقية الولايات المتحدة، كراعية لعملية السلام في المنطقة، كما وينسف الوضع الخاص الذي اكتسبته القدس على مدى التاريخ، داعية الدول العربية إلى “وقفة واحدة لإعادة الهوية العربية إلى القدس ومنع تغييرها، والضغط لإعادة الاعتبار إلى القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية كسبيل وحيد لإحلال السلام العادل والشامل الذي يعيد الحقوق إلى أصحابها”[9].
الموقف التونسي
دعت تونس جميع أطراف المجموعة الدولية إلى الامتناع عن اتخاذ أية خطوات أو إجراءات من شأنها أن تمثل اعترافاً علنياً أو ضمنياً بضم القدس للاحتلال، كونها جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967، وأعربت عن قلقها لما يمثله هذا القرار من “مساس جوهري بالوضع القانوني والتاريخي للمدينة المقدسة، وخرق لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وللاتفاقات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التي تمت برعاية أميركية، التي تنص على أن وضع القدس يتم تقريره في مفاوضات الحل النهائي”[10].
الموقف البحريني
أكدت وزارة الخارجية البحرينية عبر موقعها الرسمي، “على أن قرار الإدارة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، من شأنه تهديد عملية السلام في الشرق الأوسط، ويعطل جميع المبادرات والمفاوضات للتوصل إلى حل نهائي مأمول، كما ويعد مخالفة واضحة للقرارات الدولية التي تؤكد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وعدم جواز المساس بها، وعلى أن القدس الشرقية هي أرض محتلة يجب إنهاء احتلالها[11].
الموقف الكويتي
نقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية عن مصدر وصفته بالمسئول بالخارجية الكويتية قوله “إن اتخاذ مثل هذا القرار الأحادي يعد مخالفاُ لقرارات الشرعية الدولية، بشأن الوضع القانوني والإنساني والسياسي والتاريخي لمدينة القدس ولقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الشأن إضافة إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية”.
الموقف العراقي
كتب وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري، على صفحة الوزارة على فيسبوك، ” أن بلاده تستنكر إقدام الإدارة الأميركية على هذه الخطوة التي من شأنها أن تضع المنطقة عربياً وإسلامياً، بل وعموم دول العالم على شفا مرحلة جديدة لا تحمد عقباها”.
الموقف السوري
أكد مكتب الرئيس “الأسد” عبر موقعه الرسمي على “أن مستقبل القدس لا تحدّده دولة أو رئيس بل يحدّده تاريخها وإرادة وعزم الأوفياء للقضية الفلسطينية”.
الموقف المغربي
وفقا لوكالة المغرب العربي للأنباء، “فإن المغرب استدعى القائم بالأعمال الأمريكي، للإعراب عن القلق العميق بشأن قرار واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، كما وأكد وزير الخارجية المغربي مجدداً، الدعم المستمر والتضامن الكامل للمملكة مع الشعب الفلسطيني حتى يستعيد حقوقه المشروعة[12].
الموقف السعودي
أصدر الديوان الملكي السعودي بياناً، عبرت من خلاله المملكة عن استنكارها وأسفها الشديد للقرار الأمريكي بشأن القدس، معتبرة أنه انحياز كبير ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة، مؤكداً على أن هذه الخطوة تمثل تراجعًا كبيراً، في جهود الدفع بعملية السلام وإخلالًا بالموقف الأمريكي المحايد تاريخيًا من مسألة القدس، واصفاً القرار الأمريكي بأنه “خطوة غير مبررة وغير مسئولة ومستنكرة، ونأمل من الإدارة الأمريكية أن تراجع القرار وأن تنحاز للإرادة الدولية في تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه الشرعية”[13].
الموقف الاماراتي
وفقاً لوكالة الأنباء الإماراتية، فإن وزارة الخارجية أصدرت بياناً تستنكر بشدة من خلاله القرار الأمريكي، الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وتعتبره منحاز ضد الشعب الفلسطيني، مؤكدة على أن مثل هذه القرارات الأحادية تعد مخالفة لقرارات الشرعية الدولية، ولن تغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس، باعتبارها واقعة تحت الاحتلال، وأن القرار الأمريكي يعد انحيازاً كاملاً ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس، التي كفلتها القرارات الدولية ذات الصلة، وحظيت باعتراف وتأييد المجتمع الدولي، كما وأعربت عن “بالغ القلق من التداعيات المترتبة لهذا القرار على استقرار المنطقة، لما ينطوي عليه من تأجيج مشاعر الشعوب العربية والإسلامية، نظرا لمكانة القدس في الوجدان العربي والإسلامي”[14].
البرلمان العربي
دعا رئيس البرلمان العربي مشعل بن السلمي إلى عقد جلسة طارئة للبرلمان، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، لبحث تداعيات القرار الأمريكي بشأن القدس، مؤكداً على إن الدعوة لعقد جلسة طارئة تأتي “لتمكين أعضاء البرلمان العربي الذين يمثلون كافة أطياف وتوجهات الشعب العربي من إصدار قرار يعبر عن نبض الشارع العربي بشأن هذا القرار الخطير للإدارة الأمريكية”، مشدداً على أن هذا القرار “يُعد تحدياً صارخاً لكل المواثيق والأعراف والقرارات الدولية ذات الصِّلة بالقضية الفلسطينية، ويهدد الأمن والسلم الدوليين، ويستفز مشاعر العرب والمسلمين وأحرار العالم”، مؤكداً على موقف البرلمان العربي الثابت، بأن مدينة القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وأن هذا القرار يقوض عملية السلام في الشرق الأوسط، فضلاً عن كونه عدواناً على حق الشعب الفلسطيني في عاصمة الدولة الفلسطينية مدينة القدس”[15].
- أبرز ردود الفعل الدولية الرسمية على قرار ترامب:
في مجملها رفضت قرار الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وبقرار نقل السفارة، وسارعت إلى إصدار بيانات تؤكد التزام دولهم بمواثيق الأمم المتحدة، وبقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بفلسطين ومدينة القدس كأرض محتلة، على النحو التالي:
موقف بريطانيا
رئيسة الوزراء البريطانية “تيريزا ماي”، قالت: إنها تعتزم الحديث مع ترامب بشأن وضع القدس، كونه يتعين في إطار تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين[16].
موقف الصين
أبدت الصين على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها “قنغ شوانغ”، عن قلقها من خطوة ترامب كونها قد تفجر أعمالاً عدائية جديدة[17]، نظراً لأن وضع القدس مسألة معقدة وحساسة، وأن القرار قد يعمق الصراع في المنطقة، مؤكداً على أنه “يتعين على جميع الأطراف بذل المزيد من أجل إقرار السلام والهدوء في المنطقة، والتصرف بحذر، وتجنب التأثير على أسس حل القضية الفلسطينية وبدء أعمال عدائية جديدة في المنطقة”[18].
الموقف الروسي
خلال تصريحات صحفية لنائب وزير الخارجية الروسي أكد على “أن موسكو ستنتقد اعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة”، بينما أفاد المتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف”، إن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل أدى لتعقيد الوضع في الشرق الأوسط وسبب انقساماً في المجتمع الدولي[19].
موقف ألمانيا
عبرت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، عن إن ألمانيا لا تؤيد قرار إدارة ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، لأن وضع القدس يجب أن يتحدد في إطار حل الدولتين[20].
موقف فرنسا
عبر الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، عن استيائه من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، واصفاً إياه “بأنه قرار مؤسف وأحادي الجانب، وفرنسا لا تؤيده، وشدد خلال مؤتمر صحافي على “تمسك فرنسا وأوروبا بحل الدولتين إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن، ضمن حدود معترف بها دولياً ومع القدس عاصمة للدولتين[21].
موقف هولندا
صرح وزير الخارجية الهولندي “هالبه زيليسترا”، بأن الحل الوحيد لقضية القدس هو خطة حل الدولتين، التي تنص على أن القدس مدينة يتقاسمها الفلسطينيون والإسرائيليون”، مشيراً إلى أن إقدام الولايات المتحدة على نقل سفارتها إلى القدس، بشكل أحادي هي خطوة غير عقلانية وستضر بمسار السلام، محذّراً من التبعات الغير عادية لهذه الخطوة، نظراً لقداسة المدينة بالنسبة للمسلمين والمسيحيين”[22].
موقف إيطاليا
أعلنت إيطاليا عبر وزير خارجيتها “أنجيلينو ألفانو”، أن بلاده تعارض قرار ترامب بشأن نقل سفارة واشنطن لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، معرباً عن قلقه إزاء القرار، ومؤكداً على عدم التراجع عن السلام القائم على حل الدولتين”[23].
موقف السويد
حذرت السويد على لسان وزيرة خارجيتها “مارجوت والستروم”، من أن “العمل الأحادي الجانب بشأن القدس يعرض السلام والاستقرار في المنطقة وخارجها للخطر”، وقالت “إنه من الأهمية بمكان حماية الوضع الخاص للقدس كما هو منصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة، واحترام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، إن الموقف الواضح للاتحاد الأوروبي حول القدس هي “أنها قضية مرتبطة بتسوية الوضع النهائي وعاصمة مستقبلية لدولتين”.
موقف كندا
أعلنت الحكومة الفيدرالية الكندية عبر المتحدث باسم خارجيتها “آدم أوستن” على “أنها لن تنقل سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس، مؤكداً أن كندا ما زالت لا تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فموقف بلاده من القدس لم يتغير، كونه لا يمكن حله إلا كجزء من تسوية عامة للنزاع الفلسطيني “الإسرائيلي”، مشيراً إلى أن كندا “إننا ملتزمة بشدة بالهدف من السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية، تعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن[24].
موقف أستراليا
وزيرة خارجية أستراليا “جولي بيشوب”، أكدت على “أن بلادها لن تنقل سفارتها إلى القدس، وانتقدت قرار ترامب بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، لافتةً إلى “أنّ بلادها لا تدعم خطة ترامب التي تعد انقلاباً على عقود من السياسة الأمريكية، وعليه فلن نأخذ أي خطوات بشأن نقل سفارتنا وسنستمر في تقديم خدماتنا الدبلوماسية في تل أبيب”[25].
موقف المكسيك
عبرت وزارة الخارجية المكسيكية عن “إنها ستبقى على سفارتها في تل أبيب بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مؤكدة على المكسيك ستستمر في الالتزام بقرارات الأمم المتحدة التي تخص وضع القدس، وستستمر في تأييد المطالب التاريخية للشعب الفلسطيني”[26].
موقف تركيا
أعلنت على لسان نائب رئيس الوزراء التركي، أن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، من شأنه زج المنطقة والعالم في أتون حريق لا نهاية له في الأفق، وأن إعلان القدس عاصمة يتجاهل التاريخ والحقائق في المنطقة، إنه ظلم وقصر نظر وحماقة[27].
موقف إيران
آية الله علي خامنئي قال “إن نية الولايات المتحدة نقل سفارتها للقدس علامة على عجزها وفشلها، وأن فلسطين ستحرر وسينتصر الشعب الفلسطيني”، فيما أكد الرئيس الإيراني “حسن روحاني” على أن “القدس تخص الإسلام والمسلمين والفلسطينيين، ولا مكان لمغامرات جديدة يقوم بها طغاة عالميون”، مضيفاً أن بلاده تريد تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، لكنها لن تتهاون فيما يتعلق بانتهاك المواقع الإسلامية المقدسة.
موقف باكستان
أعربت الحكومة الباكستانية، عن إدانتها ومعارضتها الشديدة لقرار ترامب، معتبرة إياه “ضربة قاسية لعملية السلام في الشرق الأوسط، كونه يغير الوضع التاريخي والقانوني للقدس الشريف، داعيةً مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الخطوات اللازمة بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، لتفادي الانعكاسات الخطيرة المحتملة في المنطقة وخارجها”[28].
ثالثاً: مواقف المنظمات والتحالفات الدولية والإقليمية:
موقف الأمم المتحدة
أكد الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” على أن “القرار الأميركي نقل السفارة إلى القدس سيهدد السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مضيفاً بأن “القدس هي قضية وضع نهائي يتعين أن تحل عبر المفاوضات المباشرة بين الجانبين على أساس القرارات ذات الصلة الصادرة من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة”[29].
موقف الاتحاد الأوروبي
وفقاً لما نشرته دنيا الوطن، فإن “فيديريكا موغريني” الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الاوروبي، أكدت على موقف الاتحاد من مدينة القدس، الذي ما زال يرى أن الحل الوحيد لهذا الصراع في الشرق الأوسط هو حل الدولتين مع القدس عاصمة للدولتين، وفقاً لحدود العام 1967.
موقف منظمة العفو الدولية
استنكرت اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووصفته بالقرار المتهور والاستفزازي، الذي يزيد من تقويض حقوق الإنسان للفلسطينيين وينم عن تجاهل صارخ للقانون الدولي[30].
- الخلاصة:
لا تزال ردود الأفعال الفلسطينية، العربية والدولية الرسمية خجولة، ودون الحد الأدنى من المأمول، ففلسطينياً مازال بجعبتنا الكثير لنفعله، بدلاً من الأصوات الرسمية الباهتة، وعلى صعيد الفصائل والأحزاب كنا أمام دعوات غير مدروسة تصدر وعوداً تارة، وتدعو الشباب المنهك للاشتباك مع جنود الاحتلال على الحدود ونقاط التماس تارة أخرى، وما بينهما من ردود فعل. أما عربياً، إسلامياً، ودولياً فكانت ردود الفعل على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، بمزيداً من البيانات التي لا تساوي قيمة الحبر التي خطت به، في مشهد أقرب للضجيج من تولد الطحن.
- التوصيات:
- مطالبة القيادة الفلسطينية بضرورة إطلاق خطة وطنية استراتيجية، تأخذ في الاعتبار الاسراع في استعادة الوحدة، وتعزيز صمود الفلسطينيين لاسيما في مدينة القدس، وفك الحصار عن القطاع، وإنهاء الاجراءات المفروضة على قطاع غزة.
- التوجه نحو رفع دعاوى على الولايات المتحدة بمحكمة الجنايات الدولية، لمشاركتها الفعلية في جريمة الضم والمصادرة للأراضي المحتلة، بمحكمة العدل الدولية للمطالبة بإلغاء قرار ترامب بخصوص القدس والتعويض.
- ضرورة تبني القيادة الفلسطينية لمنهج إحالة ملفات جرائم الاحتلال للمحكمة الجنائية الدولية وفق ما نصت عليه المادة 14 من ميثاق روما، وهو ما سيعزز فرص عدم افلات المجرمين الإسرائيليين من العقاب.
- سحب الاعتراف بدولة الاحتلال، والتحلل التدريجي والمدروس من أعباء التزامات اتفاق أوسلو، والاستناد على المقاربات الحقوقية الدولية فيما يتعلق بالحقوق الوطنية بأي مفاوضات قادمة.
- تعظيم الاشتباك القانوني والدبلوماسي وتفعيل حملات المقاطعة والعزل للاحتلال، بما فيها حث دول العالم، لاسيما الصديقة منها للاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس.
- القيادة الفلسطينية مطالبة فوراً بسرعة التحرك على كل المستويات، للتصدي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي وتفعيل كافة الآليات والقرارات الدولية، بما فيها السعي لتدويل الصراع.