الحصانة البرلمانية في فلسطين ما بين أحكام التشريع والتطبيقات العملية (دراسة مقارنة)
تقديم
يسرنا في الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني” حشد”، بتقديم هذا الجهد البحثي لصناع القرار ولكافة الحقوقيين والباحثين ونشطاء حقوق الإنسان والمهتمين، بعنوان: الحصانة البرلمانية في فلسطين ما بين أحكام التشريع الفلسطيني والتطبيقات العملية (دراسة مقارنة).
ونبعت لدينا فكرة الاهتمام بهذا الموضوع الهام بناء على ما أثاره من جدل واسع على المستوى السياسي والفقهي من جانب، ولما ترتب عليه من نتائج عملية تمثلت برفع الحصانة البرلمانية عن خمسة من نواب المجلس التشريعي من جانب أخر. ومن عوامل اهتمامنا الأخرى بهذا الموضوع أيضاً، إقحام المحكمة الدستورية لنفسها أو إقحامها من الرئيس في إعطاء مشروعية دستورية لرفع الحصانة البرلمانية.
لقد حذرنا سابقاً من القرار بقانون بتعديل قانون المحكمة الدستورية لما حملته التعديلات من تغييرات جذرية تهدم استقلالية ونزاهة المحكمة، وتجعلها إحدى دوائر السلطة التنفيذية.
واستمرت مخاوفنا وتحذيراتنا من مخاطر تشكيل المحكمة الدستورية بموجب القرار بقانون، خاصة في ظل تحكم رئيس السلطة في تشكيلها، وبالإضافة لذلك عكس تشكيل المحكمة رغبة انفرادية للرئيس دون إشراك الكتل البرلمانية والسلطة التشريعية والقضائية في اختيار القضاة. كما عبرنا عن عدم جدوى تشكيل المحكمة في حالة الانقسام، إيماناً منا بأن تشكيل المحكمة يجب أن يتم في ظل نظام سياسي موحد وخاصة السلطة التشريعية والقضائية.
وجاء أول اختبار للمحكمة الدستورية ليؤكد تخوفاتنا، حيث أصدرت قراراً تفسيرياً تعطي بموجبه للرئيس صلاحية رفع الحصانة البرلمانية عن أعضاء المجلس التشريعي، وهذا الرأي الغريب ليس لها أي سند في الدستور، ويخالف المبادئ الرئيسية في القانون الأساسي والمتمثلة بسيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلالية السلطة التشريعية واحترام حقوق الإنسان.
إننا في الهيئة الدولية ونحن نقدم هذا العمل، لا نرى أن أهميته تقتصر على قيمته النظرية، بل بما يترتب عليه من نتائج عملية، تتعلق بالعمل الجاد والموحد الواجب اتباعه في إطار إعادة الاعتبار لسمو الدستور، والحد من تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والقضائية.
إن تشكيل المحكمة الدستورية ورأيها التفسيري وقرار الرئيس برفع الحصانة البرلمانية، تعكس بوضوح توجه السلطة التنفيذية لتفكيك المؤسسات الدستورية من خلال تعطيل عملها أو التغول عليها واحتواها، وتوظيفها في خدمة أغراض الرئيس السياسية في تصفية خصومة.
ولا يفوتنا في الهيئة إلا التقدم بالشكر للمحامي/ كارم نشوان على هذا الجهد الحقوقي المهني والرائع.
رئيس الهيئة
المحامي/ صلاح عبد العاطي
كاتب الدراسة: كارم نشوان