شرعية المقاومة الفلسطينية
مقال بعنوان (شرعية المقاومة الفلسطينية)
بقلم: سهير صباح
للمقاومة مكانة عريقة في قاموس من الشعوب المحتلة، التي تضحي وتقدم الغالي والنفيس من أجل أن تضمن تحررها، وقد أخذ شعوب العالم على مر التاريخ “المقاومة بكل أشكالها” مسلك يضمن لهم التحرر من الاحتلال، لذا استقر الحق في مقاومة المحتل، كمبدأ راسخ في صلب التجربة الإنسانية و القانون الدولي، فطالما الاحتلال قائم، يكون من الشعوب ممارسة حقها في التحرر ونيل الاستقلال السياسي والاقتصادي؛ فالعامل المشترك بين المقاومة الفلسطينية والمقاومة الأوروبية في مختلف العصور هو وجود الاحتلال، فحركات التحرر التي عرفتها البشرية، وخاصة الأوروبية منها، عمدت على مقاومة المحتل وحققت أهدافها المشروعة بالاستقلال وطرد المحتل، التاريخ الأوروبي، حتى اللحظة مازال يتفاخر ويعتز بحركات التحرر ويؤكد على الدوام شرعيتها.
مقاومة الشعوب للمحتل، هي رد فعل طبيعي وشرعي على الاحتلال والسيطرة الاستعمارية، فالمقاومة تتكون من عناصر ومجموعات وطنية تدافع عن المصالح الوطنية ضد قوى دخيلة، ومنها ما يكون منظم ويخضع لشكل تنظمي وقيادي، ومنها ما هو ارتجالية يرتكز على المبادرة والانخراط الشخصي، ففي العادة تشير الادبيات المختصة إلى أن مصطلح المقاومة الفلسطينية يشير إلى الحراك والدعوات والعمليات التي تدعو أو تدعم مقاومة الاحتلال والاضطهاد والاستعمار الصهيوني للفلسطينيين والأرض الفلسطينية وتسعى لرفعه، وقد استخدم مصطلح “المقاومة الفلسطينية” على مستوى دولي، وكذلك احتل مكانة مرقومة في الخطاب الفلسطيني، لدرجة أنه أصبح جزء من هوية الفصائل الفلسطينية.
إن القانون الدولي، أكد على حق الشعوب بمقاومة المحتل، وقد أنطلق القانون الدولي من اعتبار الاحتلال أحد أشكال الحروب العدوانية، لم يكتف الميثاق بتحريم الحرب وتحريم استخدام القوة، بل ذهب إلى أبعد من ذلك فحرم التهديد باستخدامها والتي نصت عليها الفقرة الرابعة من المادة 2 والذي ينص على “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة”.
ولم يسمح الميثاق بالحرب إلا في حالة الدفاع المشروع عن النفس واعتبرت المادة 51 أن للدول فردياً وجماعياً، حقاً طبيعياً في الدفاع عن نفسها إذا ما تعرضت لعدوان مسلح. حيث تنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على أنه «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء (الأمم المتحدة) وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس- بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق- من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه. كما أكد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ” 3214 ” عام 1974 أنه-من حق الشعوب النضال بشتى الطرق حتى لو كان بالكفاح المسلح لنيل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير.
وبالتالي مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حق مشروع وفقاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، في هدى ذلك الفهم، أسقطت قبل أيام قليلة الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار أمريكي يدين أنشطة حركة حماس الفلسطينية، والحقيقة وعلى الرغم كل ما قيل عن انخفاض عدد الدول التي صوتت ضد المشروع الأمريكي، إلا أنه شكل صفعة قوية للاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه، ويجب أن يشكل مدخل لتعزيز العمل الدبلوماسي الفلسطيني، وتلاحم أدوات النضال الفلسطيني، وتنساق وتوزيع الأدوار بين المقاومة و الدبلوماسية، فأن احسن تطوير خطة فلسطينية متكاملة لتوظيف قدرات شعبنا و مقاومته و توظيف القانون والدبلوماسية الدولية، فأن ذلك سوف يعطي ثمار أفضل على مستقبل القضية الفلسطينية، التي هي اليوم بأمس الحاجة لتكامل الأدوار كي تستطيع مواجهة ومجابهة المؤامرات الدولية التي تحاك في الليل والنهار على قضيتنا.
إن تحقيق المصالحة الوطنية على أساس من الشراكة الوطنية، يشكل واجب أخلاقي وقانوني على الفصائل الفلسطينية، ويجب أن تسعي لطي صفحة الانقسام، وتحصين البيت الداخلي الفلسطيني، بما في ذلك التمسك بحق شعبنا بمقاومة المحتل شعبيا وعسكريا ودبلوماسياً.