خلال لقاء نظمته الهيئة الدولية (حشد).. مختصون يطالبون بضرورة إنهاء الانقسام لمواجهة تسريب العقارات بالقدس
فلسطين المحتلة/ غزة: نظمت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، اليوم الأربعاء، ورشة عمل بعنوان “تسريب عقارات القدس في ميزان القانون الدولي، بمقرها بمدينة غزة، بمشاركة سياسيين وباحثين وإعلامين ومخاتير.
وأجمع المختصون في قطاع غزة، على أن تسريبات عقارات القدس جريمة وطنية ” لا تغتفر ” ولا يمكن تبرئة فاعليها، مشددين على ضرورة اتخاذ خطوات استراتيجية؛ للحفاظ على العقارات المقدسية والحد من بيعها أو تأجيرها لجماعات ومؤسسات استيطانية إسرائيلية.
حيث رحب د. علاء حمودة مدير التدريب والتوعية بالهيئة الدولية (حشد) بالحضور، مؤكداً على أهمية هذا اللقاء في ظل ازدياد عمليات تسريب العقارات والأراضي للمستوطنين في مدينة القدس، والتي تعطي مؤشراً خطيراً لإنهاء ملف القدس، وسط خطوات متزايدة لتصفية القضية الفلسطينية ومن أهمها نقل السَفارة الأمريكية إلى القدس واعتبار المدينة عاصمة لإسرائيل.
بدوره قال د.حنا عيسى عضو اللجنة التنفيذية السابق لمنظمة التحرير، والأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية في فلسطين أن ما يحدث في مدينة القدس شيء غريب وعجيب، ويدفع العالم أن يقوم ويقعد من أجله فمنذ عام 1948 إلى يومنا ولم يحرك المجتمع الدولي ساكناً إلا من خلال إصدار البيانات التي تصدر عن جامعة الدول العربية على طريق الأدب والنحو باللغة العربية”.
وشدد:” نحن هنا بالقدس نقول بأن سلطات الاحتلال لا تملك الحق على الإطلاق بالجزء الشرقي بالقدس، ففلسطين في نهاية المطاف حق للفلسطينيين، لكن التزاما مع القرارات والشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي الإنساني، مشيراً إلى أنه قد صدرت قرارات عديدة منها 242، 338، من مجلس الأمن تؤكد على أن الأراضي الفلسطينية أراضي محتلة وهي أراضي عام 1967.
وتابع عيسى إلى أنه عندما احتلت القدس في ذلك الوقت كان عدد اليهود 195 ألف وعدد الفلسطيني 67 ألف وعدد سكان القدس حاليا 882 ألف منهم 500 فأكثر من اليهود.
وأوضح أنه منذ عام 1948 حتى 1967 سيطرت سلطات الاحتلال على 80% من ممتلكات المسحيين، من خلال فرض الضريبة 1.1 مليون دولار على الممتلكات من أجل إخلاء المسحيين بالقدس، وتطوير الصراع إلى دينيي، منوهاً إلى أننا كمسحيين نرفض ذلك جزءا وتفصيلاِ، كما تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى تحويل الاثار إلى اليهودية وأن يتم هدم كنيسة القيامة والمسجد الاقصى، وتحويل المدينة إلى يهودية بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس وصرح به ترامب في الجمعية العمومية.
وحذر د. حنا عيسى عضو اللجنة التنفيذية السابق لمنظمة التحرير والأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية في فلسطين في كلمة له من مدينة رام الله عبر الهاتف، من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد المقدسيين وممتلكاتهم ، وسعى الاحتلال الحثيث لسرقة المقدسات الإسلامية والمسيحية لتهويد المدينة .
وأوضح أنه منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل زادت حده الانتهاكات والممارسات ضد المقدسيين وأملاكهم ، كذلك زادت نسبة تسريب العقارات سواء كان من خلال بيعها وتأجيرها لجماعات صهيونية، نتيجة الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تمارس ضد أصحابها.
استراتيجية وطنية
من جهته قال طلال أبو ظريفة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين :”أن قانون القومية العنصري” يعتبر أن القدس واحدة ولازالت إسرائيل تصر على أن القدس واحدة، مشيراً إلى أن القدس هي واحدة من عناصر الصراع لكنها الأكثر احتداماً فلها خصوصية خاصة ما يتعلق بالجزء الشرقي من القدس، وهذا ما صرح به رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب.
وتابع أبو ظريفة أنه في نظر القانون الدولي والقانون الانساني إسرائيل عليها التزام، وأيضاً قرار 125 الصادر من مجلس الأمن لا يجيز للاحتلال تهجير السكان أو هدم المنازل، مؤكداً أن القانون هو ميزان القوى، كما أن القانون تطبيقات.
وأكد أن هناك ميوعة فلسطينية، فيجب أن يكون هناك موقف رادع وحازم بحق هؤلاء الأشخاص الذين يقومون ببيع أو التنازل عن المنازل أو المحلات، مشدداً على أن ذلك يعتبر جريمة ويجب العقاب عليها.
أوصى القيادي بالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة كافة الأطر والمؤسسات الفلسطينية بوضع استراتيجية وطنية ؛ لمواجهة جريمة تسريب العقارات بمدينة القدس وتعزيز صمود المقدسيين، ضد الضغوطات الاقتصادية والسياسية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضدهم.
وأكد على ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة ضد مواجهة من يتهم بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي ويقدم على بيع أو تأجير عقار يملكه، واعتبار ذلك جريمة محرمة، يجب التعاطي معها بأساليب حازمة، مطالبا بتوحيد كافة المرجعات المقدسة بالقدس؛ لاتخاذ موقف موحد وخطوات جادة، والعمل على حل القضايا الوطنية عن طريق ميثاق شرف لا عن طريق العشائر، وكذلك تعزز صمود المقدسيين بمقومات ؛ للحد من تكرار جريمة تسريب العقارات .
خطة إسرائيلية
بدوره قال أ. خالد أبو عامر صحفي فلسطيني أن هناك خطة إسرائيلية بتحويل القدس إلى مدينة يهودية، وكانت مساحة مدينة القدس عام 1948 (21 كيلو متر مربع)، حيث سيطر الاحتلال الإسرائيلي على الجزء الغربي والذي تبلغ مساحته 19 كيلو متر مربع.
وأضاف أن إسرائيل تمتلك 80% من عقارات البلدة القديمة بالقدس، مقابل أن الفلسطينيين(المسلمين والمسحيين) يمتلكون 20% فقط، وبالمقارنة بنسبة السكان هي ثلثين إلى ثلث فهذا يعطي لهم تفوقاً جغرافيا وديمغرافيا أضعاف عما يمتلكه الفلسطينيون.
عندما نتحدث عن تسريبات العقارات المقدسية بالقدس فهي عملية متكاملة الأركان تبدأ بتوجيهات سياسية تلعبها الحكومة الإسرائيلية بتشريعاتها، بالإضافة للدور الذي تلعبه جمعيات الاستيطان، التي تقوم بزج عشرات السماسرة لإقناع المواطنين العرب في البلدة القديمة ببيع عقاراتهم أو تأجيرها، حيث يعطى للسمسار جميع الصلاحيات بدفع مايطلبه صاحب العقار العربي حتى لو وصل إلى عشرة أو عشرين ضعفاً.
وتابع أبو عامر :”يأتي ذلك في ظل التقارير التي تتحدث على أن 70% من سكان القدس يقعون تحت خط الفقر الذي حددته إسرائيل بمتوسط دخل شهري يقدر بـ 6700 شيكل أي أنه في ظل الوضع المعيشي الصعب الذي يعاني منه المقدسيين، فإن عملية تسريب العقارات تكون عملية سهلة”.
وأكد أن تسريبات الأراضي تتركز في البلدة القديمة في سلوان، وهذا ينبع من مبدأين أساسيين وهما: اعتقاد اليهود أن سلوان هي مدينة النبي داوود، وأن الطريق إلى حائط المبكى يمر عبر القدس، أما الناحية الأخرى أن سلوان هو أقرب الأحياء للمسجد الأقصى ومن خلاله يمكن ربط القصور الرومانية في القدس بحائط البراق،”.
وأكد أن كل ما سبق يؤكد ضرورة البحث عن استراتيجية وطنية لمواجهة تسريب العقارات في القدس، مشيراً إلى أن حي سلوان يتعرض لحملة شرسة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بعيداً عن الإعلام، ففي عام 2015 تم تسريب 34 عقار في شهر إبريل من خلال التحايل الذي تقوم به جمعيات الاستيطان”.
وفيما يتعلق بالموقف الفلسطيني فأكد أبو عامر أن القدس تقع في ذيل الأولويات بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فمنذ عام 1998 وحتى عام 2018 تم المصادقة على قانون واحد فقط في نيسان/إبريل 2015، وينص على فرض عقوبة السجن مع الأشغال الشاقة لمن يثبت تورطه في عملية تسريب العقارات.
وتابع :”بعد ذلك صدر موقف قضائي يستحق التقدير في 12 يناير 2015 من محكمة الصلح في جنين ليلغي بند في اتفاق أوسلو، وهو عدم جواز المحاكم الفلسطينية محاكمة حملة الهوية الزرقاء في حال ارتكابهم لجرم، تم نقض هذا القرار وأصدر قرار أخر باعتقال المواطن الإسرائيلي في مدينة القدس في اليوم التالي، لكن السلطة أفرجت عنه بعد 72 ساعة بعد تهديد إسرائيل اقتحام السجن أو فرض عقوبات إذا لم يتم الإفراج عنه”.
أما بالنسبة لموقف المقدسيين فقال أبو عامر هناك حالة وعي وإدراك لدى الموان المقدسي بأهمية المحافظة على العقارات التي يمتلكها، ولكنهم بحاجة إلى دعم صمودهم من الجهات الرسمية والفصائلية”.
منظومة سياسية
من جهته قال د.علاء أبو طه أستاذ القانون الدولي:” يوجد في القانون الدولي نص واضح يتحدث عن حماية الممتلكات، كما أن هناك اتفاقية خاصة تتحدث عن حماية الأعيان المدنية لسنة 1954، كما أن هناك مواد تتحدث عن نقل الممتلكات في البرتوكول الأول، مشيراً إلى أن الأمر متعلق بتسريب عقارات بعقود يتم توقيعها بين صاحب العقار والمشتري”.
وتابع:” وبالتالي فإن القانون الدولي لا ينطبق على تلك الحالات، منوهاً إلى أن القانون الدولي الإنساني يتم تطبيقه في حالة النزاعات المسلحة”.
وأوضح أبو طه أن هذا الأمر يتطلب إعادة تنظيم من جديد، فالإسرائيليين عندما يقوموا بأخذ العقارات يعتمدوا على 4 قوانين رئيسية، من بينها قانون التنظيم العقاري والمدني لعام 1936م، وهو قانون بريطاني، وقانون أملاك الغائبين، حيث أنهم عادوا لتطبيقه على القدس الشرقية رغم أن المحكمة الإسرائيلية تحدثت عن عدم جواز تطبيقه على القدس الشرقية.
وواصل حديثه كما أن بلدية الاحتلال لديها قانون يسمى بقانون تنظيم المباني وتعتمد على هذا القانون من أجل فرض إجراءات قانونية جديدة، الأمر كله لدى المقدسيين يتمثل حله بعدم الالتزام بالقوانين الإسرائيلية، مشيراً إلى أن 50-60% من سكان القدس لا يلتزمون بشروط الترخيص الإسرائيلية وهذا باعتقادهم الطريقة الوحيدة، فإذا تم التعامل مع الإسرائيليين وفق القانون الإسرائيلي سيصبحون هم الخاسرون”.
وأكد أبو طه أن هناك الكثير من الغش والتدليس، في عمليات تسريب العقارات، منوهاً إلى أنه منذ إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل ضاعفت الجمعيات الاستيطانية، والشركات العالمية التي تعود ملكيتها للمستوطنين، ميزانياتها”.
وأوضح أبو طه أننا أمام منظومة سياسية وفي يدها سلاح قانوني يطبقه الاحتلال، مع وجود قوة على الأرض، وبتخطيط من قبل تلك الجمعيات الاستيطانية، وأوضح أن مواجهة هذا الأمر يتم بما يوازيه”.
إسرائيل تريد الاستيلاء على المزيد من الأرض
بدوره قال الأب عبد الله يوليو الرئيس الروحي لكنيسة الروم الكاثوليك( من القدس)، وعضو في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية :”إسرائيل تريد أن تستفرد بنا جميعا، فبعد حرب عام 1967 عندما بدأت المفاوضات بشكل سري وكانت هناك اتفاقيات سلام مع دول عربيه حتى وصلنا إلى اتفاق أوسلو، الذي كنا نتأمل بأن نرى حلمنا يتحقق بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية”.
وأكد أن الأمر كان مختلف حيث واجهنا المزيد من الاعتقالات القتل والاستيطان، حتى وصلت بخطتها إلى أن تعلن قانون القومية أي يهودية الدولة، وبدعم من أمريكا التي أعلنت القدس عاصمة إسرائيل.
وتابع الأب عبد الله:” دخلنا في أزمة كبيرة، فإسرائيل تريد الاستيلاء على المزيد من الأرض، مشيراً ضرورة الانتباه لهذه المخططات الإسرائيلية، لذلك فإن ذلك يتطلب منا أن نتوحد جميعاً على كلمة واحدة فنحن أبناء شعب واحد”.