أوراق موقفاخبار صحفية

الهيئة الدولية “حشد” تصدر ورقة موقف بعنوان العزل الرقمي لقطاع غزة: جريمة حرب مغلقة على البث ومفتوحة على الدم

التاريخ : 3 اغسطس 2025

خبر صحافي 
الهيئة الدولية “حشد” تصدر ورقة موقف بعنوان: العزل الرقمي لقطاع غزة: جريمة حرب مغلقة على البث ومفتوحة على الدم

 

أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” ورقة موقف قانونية نوعية بعنوان: “العزل الرقمي لقطاع غزة: جريمة حرب مغلقة على البث ومفتوحة على الدم”، أعدّها المحامي والباحث القانوني محمد سليم. وتأتي هذه الورقة في سياق توثيق وتحليل أحد أخطر مظاهر العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، والذي لم يقتصر على أدوات القتل والتدمير، بل امتد ليطال البنية التحتية الرقمية، ويقود إلى سياسة ممنهجة تهدف إلى إسكات الضحايا وطمس الحقيقة.

مقدمة الورقة: عدوان مفتوح وحصار متعدد الأوجه

تبدأ الورقة بتوثيق سياق العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي يُعدّ الأعنف في تاريخه، مصحوبًا بحصار شامل واستهداف غير مسبوق للمدنيين ومصادر الحياة. وتوضح أن سياسة “العزل الرقمي” أصبحت وجهًا جديدًا لهذا العدوان، إذ لم تُستخدم فقط لأغراض عسكرية بل أصبحت أداة لصنع التعتيم الإعلامي، وإخفاء المجازر، وشل عمليات الإغاثة والتوثيق الإنساني، مما زاد من تفاقم الكارثة الإنسانية وأخفاها عن أعين العالم.

المحور الأول: المفهوم القانوني للعزل الرقمي

تناولت الورقة في محورها الأول تعريف العزل الرقمي باعتباره سلوكًا ممنهجًا يعمد إلى تعطيل أدوات الاتصال والإعلام في زمن الحرب. وأكدت أنه يشمل:

  • قطع الإنترنت وشبكات الاتصالات.

  • تدمير البنية التحتية الرقمية.

  • منع دخول الصحفيين.

  • حذف أو تقييد المحتوى الرقمي الفلسطيني.

واستشهدت الورقة بمواقف حقوقية دولية من منظمات مثل Access Now و”هيومن رايتس ووتش”، والتي صنّفت العزل الرقمي كنوع من العنف الممنهج.

كما شددت الورقة على أن العزل الرقمي يشكّل انتهاكًا صارخًا لعدد من المعايير القانونية الدولية، أبرزها:

  • الحق في حرية التعبير والوصول إلى المعلومة كما ورد في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

  • الحق في الحياة والكرامة، خاصة حين يؤدي العزل الرقمي إلى منع السكان من طلب النجدة أو الوصول للمساعدات.

المحور الثاني: مظاهر العزل الرقمي خلال العدوان

أبرزت الورقة بالأرقام والوقائع كيف طُبّقت سياسة العزل الرقمي في غزة خلال الحرب، مشيرة إلى ما يلي:

  • 6 انقطاعات رقمية كبرى بين أكتوبر 2023 ويونيو 2025، من بينها انقطاع شامل في 27–28 أكتوبر 2023 دام أكثر من 34 ساعة، وُصف بأنه “الأسوأ في تاريخ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي”.

  • استهداف متكرر للبنية التحتية الرقمية، بما في ذلك أبراج الاتصالات ومراكز الخدمة، كما أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية “بالتل”.

  • مقتل أكثر من 150 صحفيًا، وتدمير أكثر من 20 مقرًا إعلاميًا، ومنع دخول الصحفيين الدوليين باستثناء المرافقين للقوات الإسرائيلية.

  • تقييد المحتوى الرقمي الفلسطيني وحذفه من المنصات الكبرى مثل “فيسبوك” و”إنستغرام” و”يوتيوب” بفعل ضغوط رسمية إسرائيلية، كما أكدت منظمات مثل SMEX وADRC.

الأثر الإنساني: صمت قاتل

تفرد الورقة مساحة موسعة لرصد الآثار الإنسانية المدمرة للعزل الرقمي، ومنها:

  • شلل في التنسيق الطبي والإنساني نتيجة انقطاع الاتصالات.

  • فقدان آلاف العائلات الاتصال بذويهم، خاصة في فترات القصف المركز على شمال غزة ورفح.

  • حرمان السكان من المعلومات المنقذة للحياة مثل تحذيرات الغارات أو أماكن الإخلاء.

  • تعطيل توثيق المجازر في لحظتها، مما وفّر للاحتلال غطاءً إعلاميًا وسمح بالتلاعب بالسردية.

المحور الثالث: توصيف العزل الرقمي كجريمة حرب وجرائم ضد الإنسانية

أعادت الورقة توصيف العزل الرقمي من مجرد فعل تقني إلى جريمة حرب ممنهجة تستوفي أركان الجرائم الدولية وفق:

  • اتفاقيات جنيف لعام 1949، التي تجرّم استهداف البنية التحتية المدنية، مثل محطات البث.

  • البروتوكول الأول الإضافي (1977)، الذي يضمن حماية وسائل الاتصال لأغراض إنسانية.

  • نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يعتبر طمس الأدلة وعرقلة العدالة أفعالًا مجرّمة.

وأكدت الورقة أن العزل الرقمي شكّل أداة تمهيد للإبادة الجماعية، حين ترافق مع عمليات قتل وتجويع ممنهجة للسكان المدنيين، خصوصًا مع استهداف المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء.

المحور الرابع: المسؤولية الدولية والتوصيات

حمّلت الورقة المسؤولية القانونية والأخلاقية لكل من:

  • سلطات الاحتلال الإسرائيلي بصفتها الجهة التي تنفذ وتخطط لهذه السياسة ضمن استراتيجية عدوانية.

  • الشركات الرقمية الكبرى مثل Meta وAmazon وStarlink، التي تقاعست عن حماية المحتوى الفلسطيني أو وفرت خدماتها للطرف المحتل.

  • الدول المتقدمة، خاصة الأطراف الموقعة على اتفاقيات جنيف، التي صمتت أو تواطأت تجاه هذه الانتهاكات.

توصيات الورقة: دعوة عاجلة لكسر العزلة الرقمية

قدّمت الهيئة عبر الورقة سلسلة من التوصيات الإجرائية والحقوقية، أبرزها:

  1. دعوة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان لفتح تحقيقات مستقلة حول جريمة العزل الرقمي.

  2. مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بإدراج العزل الرقمي ضمن ملفات الجرائم الجارية في غزة.

  3. حملات ضغط على الشركات التكنولوجية لوقف تقييد المحتوى الفلسطيني ودعم البنى الرقمية البديلة.

  4. مبادرات مدنية لحماية الصحفيين، وتوثيق آثار العزل الرقمي، ونشر رواية الضحايا.

  5. تحرك دبلوماسي للضغط على إسرائيل لوقف الحصار الرقمي كجزء من إجراءات فك الحصار عن غزة.

ختامًا: العزل الرقمي ليس فقط قطعًا للاتصال، بل سلاح إبادة ناعمة

أكّدت الهيئة في ختام ورقتها أن العزل الرقمي في غزة لم يكن مجرد خلل عرضي، بل ممارسة مُحكمة الترتيب، تم تنفيذها ضمن سياسة عسكرية هدفها الصمت التام على المجازر. وأن الاستجابة الدولية الخجولة لهذه الجريمة تُشكّل مشاركة غير مباشرة في استمرارها.

وخلصت الورقة إلى أن “الصمت الرقمي” هو تواطؤ صامت يُشرعن الجرائم، وأن حماية الحق في الاتصال والمعلومة أصبح ضرورة قانونية وإنسانية عاجلة، لا تقل أهمية عن حماية الغذاء أو الماء في أوقات الحرب.

للاطلاع على الورقة بالكامل اضغط هنا  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى