إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في قطاع غزة

إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في قطاع غزة

رمزي ابو العون
2023-03-11T20:18:37+03:00
أوراق موقف

<p style=”text-align: center;”><strong>ورقة موقف بعنوان:</strong></p><p style=”text-align: center;”><strong> إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في قطاع غزة</strong></p>&nbsp;<strong>مقدمة</strong>يعد الحق في الحياة من اهم حقوق الانسان التي اولاها القانون اهتماما بالغا ، من خلال جملة من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني ، التي كفلت في قواعدها عدم جواز حرمان احد من حياته تعسفا ، كما اتجه البروتكول الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الى وجوب إلغاء عقوبة الاعدام تماما من الممارسة التشريعية والتنفيذية ، ومع ذلك دولة فلسطين لم تلغي عقوبة الاعدام ، حيث افرد القانون الوطني مجموعة من المعاير المنظمة لإصدار وتنفيذ عقوبة الاعدام .شهد العام 2017م تزايدا ملحوظا في معدلات اصدار وتنفيذ احكام الاعدام ، حيث اصدرت المحاكم في قطاع غزة 29 حكما بالإعدام ، من بينها 11 حكما صدرت عن محاكم عسكرية بحق اشخاص مدنين ، دون أي مراعاة لقواعد الاختصاص التي تقضي عدم جواز محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية .وشهد 2018 اول حكم بالإعدام ، حيث ايدت المحكمة العسكرية العلية التابعة لهيئة القضاء العسكري في غزة، يوم الخميس الموافق 1/2/2018، حكما بالإعدام شنقا على المدان (خ،ا) من سكان محافظة خان يونس ، بتهمة التخابر مع جهات معادية خلافا لنص المادة (131) من قانون العقوبات الثوري 1979، وكانت المحكمة العسكرية الدائمة اصدرت بحقه حكما بالإعدام شنقا حتى الموت بتاريخ 19/2/2017 .حيث قمت بالتحدث في هذه الورقة عن اصدار الاعدام وتنفيذها  لان  حالات الإعدام كثرت في الآونة الأخيرة ولم يتم المصادقة عليها من قبل الرئيس وقد خالفت هذه الحالات القانون الاساسي المعدل لعام 2003 ، وأيضا تم تنفيذ حالات الإعدام في اماكن غير مخصصة بذلك ، وايضا صدر الإعدام أمام المحاكم العسكرية لأشخاص مدنيين وهذا مخالف للقانون.تتناول الورقة أولاً المعايير الدولية بشان عقوبة الإعدام ، ثانياً المعايير الوطنية بشان إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام و الانتهاكات التي رافقتها ، و ثالثاً النتائج والتوصيات .<strong>المعايير الدولية بشان عقوبة الإعدام:</strong>تؤكد التطورات المتلاحقة التي يشهدها القانون الدولي لحقوق الإنسان التوجه العارم لدى الأمم المتحدة وأغلبية دول العالم نحو الغاء عقوبة الإعدام الأمر الذي عززه القانون الدولي لحقوق الإنسان باتفاقيات وتدابير ترمي إلى إلغاء حقوق الإعدام  ، وشهدت المساعي الرامية لإلغاء العقوبة خطوات تدريجية في السعي للوصول إلى هذا الهدف ، ظهر واضحا في المادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1967 م ، الذي أنضمت  إليه دولة فلسطين ، التي تجيز استخدام تلك العقوبة ، ولكن في أضيق الحدود من خلال ما تضمنته من محاذير تتمثل في عدم حرمان أحد من حياته تعسفا وألا يحكم بتلك العقوبة إلا جزاءاً على أشد الجرائم خطورة ن وعدم جواز تنفيذ العقوبات بحق بعض الفئات كالأطفال والنساء الحوامل .كما ان الفقرة (6) من المادة (6) نصت على عدم جواز التذرع بأي حكم لتأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام من قبل أي دولة طرف في هذا العهد .وفيما بعد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار (144/128) والمؤرخ في 15 كانون أول / ديسمبر 1989 م، باعتماد البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بهدف إلغاء عقوبة الإعدام إلغاءاً تاما وعرضته للتوقيع والتصديق  و الانضمام ، الأمر الذي شكل دفعة جديدة نحو ضرورة إلغاءها .كما تضمنت المعايير الدولية مجموعة من الضمانات والقرارات الخاصة بالدول التي لم تلغي بعد عقوبة الإعدام ، وذلك من أجل حماية المحكومين بالإعدام ، أو من أجل الغاء العقوبة تدريجيا ،  وتتجلى هذه الضمانات في القرار رقم (50/1984 ) المؤرخ في 25 أيار/ مايو 1984 الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي بشان ضمانات حقوق الأشخاص الذين يواجهون عقوبة الإعدام ، حيث أكد القرار على وجوب تمكينهم من ضمانات المحاكمة العادلة ، وأن ألا يتم إصدار أحكام الإعدام إلا في أضيق الحدود .كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة سلسلة من القرارات التي اعتمدتها في الأعوام 2007 ، 2008 ، 2010 ، 2012 وحثت من خلالها الدول على الحد من العمل بعقوبة الإعدام ومن عدد الجرائم التي يجوز المعاقبة عليها بالإعدام أن تعلن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام تمهيداً لإلغاء العقوبة ، وتهيب بالدول التي ألغتها إلى عدم إعمالها من جديد .<strong>المعايير الوطنية بشان عقوبة الإعدام:</strong>ارسى القانون الوطني جملة من المعايير القانونية المتعلقة بإصدار احكام الاعدام ، وفرضت على الجهات القضائية والتنفيذية الالتزام المطلق ، وفي هذا السياق تستعرض الورقة تلك المعايير والانتهاكات التي طالتها خلال العام 2017 ، على النحو الآتي :-<strong>المعايير المتعلقة بإصدار أحكام الإعدام:</strong>يشدد القانون الفلسطيني على وجوب مراعاة المحاكم العسكرية والمدنية لقواعد الاختصاص التي حدد القانون الوطني ولايتها الموضوعية ورسم حدوداً لاختصاصها ، وفي هذا الإطار وضع القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 قاعدة دستورية ، كفل من خلالها حق الأفراد في التقاضي واللجوء لقاضيهم الطبيعي وعلى أن ينظم القانون إجراءات التقاضي ، كما انه حدد ولاية المحاكم العسكرية من خلال المادة (101/2) والتي تنص على ” تنشأ المحاكم العسكرية بقوانين خاصة ، وليس لهذه المحاكم أي اختصاص او ولاية خارج نطاق الشأن العسكري ” ، الأمر الذي يعني ان يمنع على المحاكم العسكرية النظر في أية قضايا مدنية او خارج نطاق الشأن العسكري كما جاء قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لعام 2001 منسجماً مع المادتين السابقتين سالفتي الذكر ، حيث نص المادة 2 ” على أن تنظر المحاكم النظامية في فسطين في المنازعات والجرائم كافة إلا ما استثني بنص قانوني خاص ، وتمارس سلطة القضاء على جميع الاشخاص “.بذلك وسعت من ولاية المحاكم النظامية بالمقارنة مع ولاية المحاكم العسكرية التي حصرها المشرع الوطني في الشأن العسكري وفي هذا الإطار رصد المركز مخالفة القضاء في قطاع غزة لقواعد الاختصاص حيث استمرت القواعد العسكرية في قطاع غزة لمحاكمة المدنيين واصدرت 11 حكما بحق مدنيين خلال عام 2017 وحده .<strong>المعايير المتعلقة بتنفيذ عقوبة الإعدام:</strong>نظم القانون الفلسطيني عمليات تنفيذ عقوبة الإعدام ، ووضع المحددات لابد من احترامها في معرض تنفيذ العقوبات تستعرضها الورقة على النحو الآتي :<strong>وجوب مصادقة الرئيس قبل التنفيذ:</strong>وضع القانون الفلسطيني مجموعة من المعايير والشروط التي يجب استيفائها قبل تنفيذ عقوبة الإعدام ، حيث أرسى معياراً دستورياً بشان تنفيذ أحكام الإعدام ، يحظر على أي جهة تجاوزه وتضمنته المادة 109 التي نصت على أن لاينفذ حكم الإعدام الصادر من أية محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية .كما شدد القانون الإجراءات الجزائية رقم 3 سنة 2001 على وجوب مصادقة الرئيس على عقوبة الإعدام ، حيث نصت المادة 408 على انه متى صار حكم الإعدام نهائيا وجب على وزير العدل رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الدولة كما شددت المادة 409 من القانون ذاته على أنه لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد مصادقة رئيس الدولة عليه ، حيث قامت وزارة الداخلية بتنفيذ (6) أحكام إعدام بدون مصادقة الرئيس في عام 2017 .<strong>وجوب تنفيذ احكام الإعدام في أماكن المخصصة قانوناً:</strong>حدد قانون الإجراءات الجزائية الأماكن التي يجب أن تنفذ فيها أحكام الإعدام حيث نصت المادة (418) على أن تنفذ عقوبة الإعدام داخل مراكز الإصلاح والتأهيل للدولة .وهذا نظم قانون الإصلاح والتأهيل رقم( 6) لسنة 1998 أوضاع النزلاء ومن بينهم المحكومين بالإعدام ونص صراحة على تنفيذ حكم الإعدام في مركز الإصلاح والتأهيل ، حيث نصت المادة 59/5 من القانون ذاته على أن ” تنفذ عقوبة الإعدام في داخل المركز بناء على طلب النائب العام إلى المدير العام ، وتسلم الجثة إلى أهله إذا لم يتقدموا لاستلامها تسلم للهيئة المحلية الواقع بداخلها المركز لدفنه ، وفي عام 2017 قامت وزارة الداخلية في قطاع غزة بتنفيذ 6 احكام بالإعدام في غير الأماكن المخصصة لذلك ، حيث نفذتها في مقر جهاز الشرطة ( الجوازات ) وبالتالي لم تراعي المعايير المتعلقة في تنفيذ الأحكام في الأماكن المخصصة بموجب القانون .<strong>النتائج والتوصيات:</strong>في ضوء ما عرضته الورقة من ضمانات كفلتها المعايير الدولية والوطنية بشان عقوبة الإعدام وبالرجوع إلى الأصول التشريعية المقرة بموجب القانون الوطني والقوانين العقابية السارية خلصت الورقة إلى النتائج والتوصيات الآتية :.<ul> <li>وسعت القوانين العقابية السارية من استخدام عقوبة الإعدام وخالفت التزامات فلسطين الناشئة عن انضمامها للاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان لاسيما المادة (6/6) من العد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ن كما انها تعارضت مع المعايير الدولية سواء المتعلقة بإلغاء عقوبة الاعدام ، أو المتعلقة بالحد من عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام.</li> <li>يشكل استمرار اصدار احكام الإعدام من قبل محاكم غير مختصة قانونا ، خاصة عرض المدنيين على القضاء العسكري ن واستمرار تنفيذه من قبل وزارة الداخلية في قطاع غزة دون مصادقة الرئيس ، وفي غير الأماكن المخصصة لذلك ، مخالفة للمعايير الموضوعية والإجرائية المكفولة بموجب القانون الوطني .</li> <li>ينطوي استمرار العمل بقانون العقوبات الثوري لعام 1979 إلى دون إقرار من قبل المجلس التشريعي على مخالفة قانونية ، للقواعد والأصول التشريعية المقرة بموجب التنظيم والقانون الوطني .</li></ul><strong>التوصيات:</strong><ul> <li>وجوب تفعيل السلطة التشريعية ، وانعقادها حسب القواعد والأصول القانونية لإعادة النظر في كافة القوانين العقابية وإلغاء عقوبة الإعدام ن وموائمتها مع التشريعات الحديث القائمة على فلسفة العدالة الإصلاحية واحتراما لالتزامات دولة فلسطين الناشئة عن القانون الدولي .</li> <li>ان تبادر دولة فلسطين الى الانضمام للبروتكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بهدف الغاء عقوبة الاعدام .</li> <li>ضرورة توقف السلطة القضائية عن اصدار احكام الاعدام في قطاع غزة ، تمهيدا لإلغائها تماما من التشريعات النافذة ، وانسجاما مع التزامات فلسطين الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .</li></ul><strong>المراجع:</strong><ul> <li>العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية</li> <li>القانون الاساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003</li> <li>قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936</li> <li>قانون العقوبات الثوري لعام 1979</li></ul>&nbsp;

رابط مختصر