سبل استفادة الفلسطينيين من المحكمة الجنائية الدولية في قضية الاستيطان
دراسة قانونية حول:
سبل استفادة الفلسطينيين من المحكمة الجنائية الدولية في قضية الاستيطان
إعداد الباحثان القانونيين:
روان أبو غزة
ناصر ثابت
مقدمة
نشأ الاستيطان الاسرائيلي في فلسطين على إثر النزاع المسلح الدولي، المفضي إلى قيام قوات الاحتلال الاسرائيلي باحتلال الأراضي الفلسطينية المعترف بها أمميا، وذلك في الرابع من حزيران عام 1967م. وعقب ذلك أصدر مجلس الأمن قرار 242 الذي يلزم اسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها أثناء الحرب ولكن قامت اسرائيل بإنشاء أحد عشر مستوطنة، استمرت اسرائيل بإنشاء المستوطنات في مناطق الضفة الغربية و قطاع غزة فبلغ عددها بحلول عام 1988 مقدار 125 مستوطنة , وبعد هذه الفترة تم انشاء خمس مستوطنات قبل حلول 1990.
استمرت السياسة الاستيطانية الاسرائيلية من انشاء المستوطنات و التهجير القصري و سلب الأراضي حيث بلغ عدد المستوطنين بحلول عام 2000 حسب تقارير حركة السلام من 107ألف مستوطن الى 145 الف مستوطن, مع استمرار وجود السلطة الفلسطينية في كلٍ من الضفة و غزة بعد اتفاقية السلام أوسلو.
أخذ الطابع الاستيطاني شكلاً جديداً بعد عام 2000 حيث شهدت تلك الفترة بإنشاء جدار الفصل العنصري, و ثم تبعه تطور ملحوظ في الأعمال الاستيطانية من خلال قيام المستوطنين بالاعتداءات على القرى الفلسطينية المجاورة لمستوطناتهم .وتسارعت وتيرة النشاط الاستيطاني الإسرائيلي غير القانوني في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، هو خطوة خطيرة نحو فرض واقع مؤلم على الأرض الفلسطينية وقد توقف النشاط الاستيطاني في قطاع غزة بعد انسحاب اسرائيل من قطاع غزة عام 2005. ولكن واقعيا تسيطر سلطة الاحتلال على كافة المنافذ البرية و البحرية و الجوية للقطاع , لنصل إلى 199 مستوطنة، وقرابة 600,000 مستوطن إسرائيلي.
إلا أن أحداث القضية اشتعلت عقب تقديم رئيس السلطة الفلسطينية طلب انضمام لهيئة الأمم المتحدة في العام 2012م ما أنتج اعتراف الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بفلسطين كدولة مراقب غير عضو، فقد تطورت الأوضاع بعد انضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، وإيداعها إعلانا بقبول الاختصاص فيما يتعلق بعملية النقل والابعاد داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م الأمر الذي أصبح يمكن السلطة الفلسطينية من الأشخاص المسؤولين عن ملف الاستيطان في دولة الاحتلال الاسرائيلي و المستهدف من هذه الأمر هم رئيس الوزراء دولة الاحتلال الاسرائيلي (بنيامين نتنياهو) و وزير الدفاع الاسرائيلي (افيجدور ليبرمان) و وزير الزراعة و تطوير القرى (أوري أريئيل)
أهمية الدراسة :
تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها أتت في الوقت الذي أصبحت فيه الانتهاكات التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي واضحة على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية و التي وصلت الى حد كبير من الانتهاك الذي أدى الى تمكني المستوطنين و خلق مجالس تمثلهم في هذه المستعمرات و هذا الأمر لا يمكن السكوت عنه .
أهداف الدراسة :
تهدف هذه الدراسة الى هدف رئيس متمثل في استظهار الاستيطان الاسرائيلي الواقع على الأراضي الفلسطينية و كيفية الاستفادة من عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الاستيطان و يتفرع عن ذلك عدد من الأهداف الفرعية وهي :
- تحديد المنظور الدولي للاستيطان وصوره .
- تحديد واقع الاستيطان و المحكمة الجنائية الدولية.
إشكالية الدراسة :
اشكالية الدراسة تتمثل في معرفة مدى استفادة الفلسطينيين من المحكمة الجنائية الدولية في ايقاف الممارسات الاستيطانية و العقاب عليها .
تساؤلات الدراسة :
تثير هذه الدراسة عدد من التساؤلات وهي على النحو الاتي:
- ما موقف القانون الدولي من قضية الاستيطان ؟
- ما هي نماذج الاستيطان ؟
- ما هو واقع الاستيطان على الأوضاع الفلسطينية؟
- كيفية تكييف جرمية الاستيطان في ضوء ميثاق روما ؟
فرضية الدراسة :
ان استمرار الممارسات الاستيطانية الاسرائيلية سوف يؤدي الى مصادرة الكثير من الحقوق المكفولة للفلسطينيين و التعدي عليها .
منهجية الدراسة :
قمنا في هذه الدراسة باستخدام منهجين أولهما التوثيقي و الثاني التحليلي , حيث اتخذنا من المنهج الاول طريقاً في جمع و توثيق المعلومات حول جريمة الاستيطان و صوره و القانون الدولي وموقفه منه و الانتهاكات التي تتم بسببه , و كان استخدام المنهج الثاني من خلال تحليل ما نصت عليه معاهدة روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية في شأن المعاقبة على هذه الجريمة .
مصطلحات الدراسة :
- الاستيطان : قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر , بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها , أو أبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.
- جدار الفصل العنصري: هو جدار قامت دولة الاحتلال الاسرائيلي ببنائه عقب عملية سور الواقي الذي نفذتها في الضفة الغربية والذي يفصل المدن الفلسطينية عن المستوطنات الاسرائيلية .
- التهجير القسري: وهو نقل سكان الاراضي المحتلة الى خارجها, الثاني: هو نقل رعايا دولة الاحتلال الى الأراضي المحتلة واستيطانها .
المطلب الأول
الاستيطان و القانون الدولي وصوره
الفرع الأول: الاستيطان في ميزان القانون الدولي
منذ أن احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية عام 1967م، شرعت فوراً ببناء المستوطنات على هذه الأراضي بهدف خلق واقع جديد لإسكان أكبر عدد ممكن من المهاجرين اليهود وتوسيع حدودها.
إن القانون الدولي يعتبر إقامة المستوطنات ونقل سكان دولة الاحتلال إلى الإقليم المحتل مخالفاً للمواثيق والأعراف الدولية، وعلى وجه الخصوص لائحة لاهاي الرابعة لسنة 1907, واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949, وميثاق هيئة الأمم المتحدة لسنة 1945, والعهدان الدوليان لسنة 1966, والإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948و قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي بشأن عدم شرعية المستوطنات وتفكيكها في المناطق المحتلة.[1]
و الاستيطان الاسرائيلي في فلسطين وجد تنديد عالمي من زمن وليس بوقت قريب سيما مع تمادي اسرائيل تجاه القرارات الأممية حول المسالك الاسرائيلية التي اتخذتها عقب حرب عام 1967 حيث أصدرت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة قرارها (242) بانسحاب اسرائيل من الأراضي التي احتلتها في هذه الأثناء , و صدرت عن مجلس الأمن الدولي سلسلة قرارات تتهم اسرائيل بانتهاك الفقرة 49 في اتفاقية جنيف الرابعة ,و للمرة الأولى في آذار (مارس) 1979 أصدرت قرار رقم 448 الذي يثبت بنص واضح أن هذه المستوطنات أقيمت في شكل غير قانوني, وقد وجد الاستيطان و جدار الفصل العنصري مكاناً له في اطار الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية عام 2004 عندما عبرت المحكمة { أنّ جدار الفصل العنصري و المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشريف تمثّل انتهاكاً صارخاً لأحكام القانون الدولي، وأن نقل رعايا دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة ومصادرة الأراضي غيرُ مشروع} , وقد صرح بان كي مون في عام 2012 بعدم شرعية المستوطنات الاسرائيلية المقامة على اراضي الضفة الغربية و دعا بان كي مون جميع الأطراف المعنية إلى استئناف المفاوضات وإلى مضاعفة الجهود للتوصل الى سلام كامل وعادل ودائم وطالبهم بإلحاح بعدم القيام بعمل استفزازي. وأضاف “أن على إسرائيل أن تعدل عن مشروعها لمصلحة السلام”.[2]
و أخيرا ما تبناه مجلس الأمن من مشروع ضد الاستيطان في شهر كانون الاول /ديسمبر من عام 2016 بواقع تأييد له من أعضاء المجلس بلغ 14 عضوا من أصل 15 عضو و الذي طالبها ب توقف فوراً وفي شكل تام كل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية” .
الفرع الثاني : صور الاستيطان[3]
تتخذ جرمية الاستيطان نماذج و صور عديدة و هنا نذكر منها على النحو الاتي :
1- الصورة الاولى/جدار الفصل العنصري :
فقد أُمر به للتنفيذ والعمل على انشاء, عقب عملية السور الواقي التي نفذتها في الضفة الغربية و حيث كان الهدف من انشاء هذا الجدار العمل على فصل أراضي الداخل الفلسطيني التي احتلتها اسرائيل عن أراضي الضفة الغربية وهذا العمل كان من خلال تجريف العديد من الأراضي الفلسطينية والمباني السكنية أيضاً , لأجل انشاء هذا الجدار و هذا الفعل الذي بدأت فيه سلطات الاحتلال في سنة 2002 تكون قد ضربت بعملها هذا القانون الدولي بعرض الحائط و خالفت التزاماتها التي يفرضها القانون الدولي على سلطات الاحتلال عندما تقوم باحتلال أراضي دولة أخرى , وفي هذا مخالفة للمواد الناظمة لحالة الاحتلال العسكري وقد استقرت مجموعة من المبادئ حول هذه الحالة ومنها حظر نقل الجماعي أو الفردي للسكان من الأرض المحتلة أو داخلها , وكذلك حظر التدابير التي تعمل على الاقتصاص من الأشخاص المحمين و ممتلكاتهم و أيضاً حظر مصادرة الممتلكات الخاصة بواسطة المحتل, وكل ما تسيطر عليه هو الذي يتم استخدامه في العمليات العسكرية و هذا الذي يجد له مكاناً حول ما يتم امتهانهً من ملكيات و حقوق للفلسطينيين , فقد قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة و تجريف العديد من الأراضي و المنازل الفلسطينية وهذا مسلك منافي للقانون الدولي حيث جاء في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية { أنّ جدار الفصل العنصري و المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشريف تمثّل انتهاكاً صارخاً لأحكام القانون الدولي، وأن نقل رعايا دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة ومصادرة الأراضي غيرُ مشروع} وعلى اسرائيل تفكيك الأجزاء التي شيدتها و تعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي تسببت لهم , قرار مجلس الأمن رقم 446 عام 1979م، والذي أقر بأن السياسات والإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بإقامة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأراض عربية أخرى محتلة منذ 1967م، لا تستند إلى أي أساس قانوني وتشكّل عائقاً خطيراً تجاه عملية تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط،
2- الصورة الثانية/ مصادرة الأراضي :
قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي في سلب العديد من الاراضي الفلسطينية من أصحابها و وضعها تحت سيطرة سلطة الاحتلال لخدمة الأهداف الاستيطانية من بناء المستوطنات أو اقامة جدار الفصل العنصري أو إقامة مواقع لتدريب لقوات الاحتلال أو أخذها عنوة بلا سبب أو وظيفة, والمسلك الذي قامت به سلطات الاحتلال الاسرائيلي يجافي و ينافي التزامات التي يفرضها القانون الدولي على سلطات الاحتلال , حيث لا يجوز لإسرائيل كسلطة احتلال أن تقوم بما تم تنظيمه من خلال معاهدة لاهاي لسنة 1907 التي نظمت ضمن موادها حالة الاحتلال الحربي في موادها بعد المادة 42 حتى ختام المعاهدة , وهذا فيه ضرب فيما أتت به هذه المعاهدة وخصوصاً المادة 47 التي قامت بحظر السلب حظراً مطلقاً و كذلك المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949بحظر المصادرة و السلب و المسلك الذي اتخذته قوات الاحتلال فيه انتهاج لسياسة السلب انتهاجاً واضحا و صريحاً من خلال القيام بتجريد مُلاك الأراضي من ملكيتهم و تحويلها جبراً لسلطة الاحتلال و فيه مصادرة لما صرحت به المادة 46 من ذات المعاهدة بعدم الاعتداء على حق الملكية للأفراد الذين يخضعون لسلطة الاحتلال.
وأن الملكية التي تم الاعتداء عليها من قبل سلطة الاحتلال هي ملكية الأفراد للأراضي التي تم عليها سلوك التجريد, حيث تسيطر اسرائيل على هذه الاراضي بموجب أوامر قضائية صادرة عن قضاء سلطة الاحتلال الذي يصدر اوامر مجحفة بأن تلك الأراضي هي أراضي دولة ثم يتم تسجيلها على أساس ذلك وبعد يتم اخلائها من سكانها بموجب ذلك الأساس حيث لا يعلم الفلسطينيين ملاك هذه الأراضي بهذه التسجيلات حتى يقدموا اعتراضات عليها أو من خلال الأوامر التي تصدر عن الجيش بتكوين مناطق عسكرية.
حيث أقدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي خلال العام 2016 على مصادرة اكثر من (12326) دونماً من اراضي المواطنين الفلسطينيين في كل الضفة الغربية و القدس ومنطقة الاغوار ، بعضها يتم الاعلان عنه كأراضي دولة ليصار الى تحويله لاحقا لصالح الاستيطان , بذرائع مختلفة منها أن هذه الأراضي هي أراضي دولة تمهيدا لإنشاء مستوطنات أو لربط مستوطنات مع بعضها أو لتوسيع و تشييد مستوطنات قائمة , ومنذ بداية شهر كانون الثاني من سنة 2017 حتى شهر أيار فقد أقدمت قوات الاحتلال على مصادرة قرابة (3738) دونم , وكما أسلفنا كل هذه الممارسات تنتهك القانون الدولي حيث أتت المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بالنص على أنه تعتبر الممارسات التي تتلازم مع الاستيطان كأعمال التدمير والتخريب والمصادرة بطرق تعسفية من المخالفات الجسيمة التي يعاقب عليها القانون الدولي, حيث اتت القرارات الدولية مناهضة للاستيطان ومنها قرار الجمعية العامة رقم 452 الذي صدر في تموز/يوليو من عام 1979 و التي عبرت بعدم قانونية الاستيطان و مصادرة الاراضي و اعتبرت هذا السلوك خرقاً لاتفاقية جينيف الرابعة التي تتعلق بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب الموقعة في 14 آب / أغسطس 1949″ و أخيرا ما تبناه مجلس الأمن من مشروع ضد الاستيطان في شهر كانون الاول /ديسمبر من عام 2016 بواقع تأييد له من أعضاء المجلس بلغ 14 عضوا من أصل 15 عضو و الذي طالبها ب توقف فوراً وفي شكل تام كل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية”
3- الصورة الثالثة/ التهجير القسري :
التهجير القسري التي قامت به قوات الاحتلال الاسرائيلي يتخذ مظهران : الأول : الابعاد وهو نقل سكان الاراضي المحتلة الى خارجها, الثاني: هو نقل رعايا دولة الاحتلال الى الأراضي المحتلة واستيطانها.
حيث تعني عبارة ابعاد السكان أو النقل القسري للسكان المدنيين هو جريمة حرب وفق المادة الثامنة من البند الثاني 8) ) الفقرة السابعة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
يتبن من هذه المادة أن التهجير القسري المستمر للفلسطينيين والذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلية من خلال سياسات منهجية تتبعها منذ عام 1947م وحتى الان والتي تتمثل في منع المهاجرين من العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم واستمرار سياسات مصادرة الأراضي أو تقييد استعمالها وتدمير البيوت ومنع البناء والتطور وفرض نظام التصاريح والحصار والاغلاق والفصل العنصري و حرمان السكان من الإقامة في أرضهم والاستقرار فيها ومنعهم من الرجوع اليها هي جرائم يجب أن تحاسب عليها سلطة الاحتلال الإسرائيلية ,و هذه المادة تنطبق بنصها على يحصل للسكان الفلسطينيين وما تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلية ضدهم من حرمانهم من الحقوق الأساسية في الرجوع إلى أراضيهم وهدم منازلهم وحرمانهم من مكان يأويهم وتقييدهم في التصرف في اراضيهم. والذي يجبرهم على الرحيل بحثاً عن الأمان والاستقرار .
كما وأن القانون الدولي الانساني يجرم قيام أطراف النزاع المسلح أو دولة الاحتلال بتدمير الممتلكات الخاصة أو العامة أو مصادرتها على نحو واسع وبشكل مقصود وغير مبرر بضرورات عسكرية ملحة لا يمكن تجنبها. ويجرم القانون الدولي الانساني هذه الافعال لما فيها مساس لحقوق السكان المدنيين ولما فيها اثار سلبية كترك منازلهم وأراضيهم بحثاً عن الأمان. كما أن تدمير الممتلكات الخاصة لإجبار الناس على الرحيل مخالف لنص المادة (53 )من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م “يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير .
كما ان السياسات التي تتبعها دولة الاحتلال للتهجير القسري وارغام السكان المدنيين على ترك اراضيهم مخالفة لنص المادة (147 )من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م “يحظر النقل الجبري الجماعي او الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال او إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أياً كانت دواعيه . فالتهجير القسري جريمة حرب تستوجب معاقبة مرتكبيها فلا يجوز في أي حال من الأحوال تهجير السكان المدنيين او نقلهم خارج أراضيهم إلا إذا كان لأجل حمايتهم على أن يكون نقلهم مؤقتاً وان يتم ارجاعهم بعد انتهاء العمليات العسكرية. كما ولا يجوز أن تقوم دولة الاحتلال بإحضار سكانها إلى الاراضي التي احتلتها لإقامة فيها. وهذا ما نصت عليه المادة (49 )من اتفاقية جنيف الرابعة حيث حظرت على دولة الاحتلال النقل القسري للسكان “يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الاراضي المحتلة إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أيا كانت دواعيه” الا انه يجوز للاحتلال كما ذكرنا سابقا نقل السكان لمنطقة اخرى لأجل سلامتهم في حال وجود أسباب عسكرية قاهرة ،وان توفر لهم دولة الاحتلال كل ما يحتاجون وكل ما يلزمهم من مؤن غذائية ومستلزمات صحية اضافة إلى توفير مكان للإقامة فيه. ويكون نقلهم مؤقت لحين تنتهي العمليات العسكرية حيث يتم اعادتهم إلى اراضيهم بعد أن تنتهي العمليات العسكرية كما على دولة الاحتلال أن تلتزم أثناء غياب السكان المدنيين عن أراضيهم وممتلكاتهم بالحفاظ عليها وعدم تدميرها والاستيلاء عليها.
المطلب الثاني
تأثير الاستيطان و المحكمة الجنائية الدولية
الفرع الأول :واقع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية
يتوافر في كل جريمة ما يدلل عليها ويطلق عليها مدلولات الجريمة وأثرها على الواقع في الأراضي الفلسطينية مثل ( الأراضي , حرية التنقل , والصحة والتعليم والسياحة ) فعلى :
- على صعيد الأراضي : رافق جريمة بناء الجدار، تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الفلسطينية، ومصادرة 164.780 دونماً من الأراضي الفلسطينية ، وتقدر مساحة الأراضي التي سيتم مصادرتها لصالح الجدار 1.61 مليون دونم عند اكتمال الجدار مع العلم ان نسبة 85% من مسار الجدار لم يكن على الخط الأخضر بل دخل الى الأراضي الضفة الغربية الأمر الذي أدى الى حرمان كلي لبعض الأسر التي تم مصادرة أراضيها بنسبة بلغت 9.1% التي تقيم غرب الجدار، و24.9%، من الأسر التي تقيم شرق الجدار , أما الأسر التي تمت مصادرة جزئية لأراضيها غرب الجدار كانت نسبتها 19.9% و 20.3% للأسر التي تقيم شرق الجدار , وهذا الامتهان الصريح كان لحق الملكية الذي أتى به الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 وفي هذا مخالفة صريحة لنص المادة 46 من اتفاقية لاهاي 1907 التي تنظم عمل سلطة الاحتلال و هذا المسلك مخالف الأفراد في التملك الذي نصت عليه مادة 17 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
– على صعيد حرية التنقل: حيث إن حوالي مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة، انتهك الجدار حقوقهم الأساسية، حيث أن الآلاف منهم سيضطرون إلى استصدار تصاريح خاصة من الجيش الإسرائيلي، للسماح لهم بمواصلة العيش والتنقل بين منازلهم من جهة، وأراضيهم من جهة ثانية، وأن أبسط حقوقهم في الحياة اليومية ستتعرض للمصادرة، مثل التوجه إلى العمل، والمدرسة، والحصول على الرعاية الطبية اللازمة، أو زيارة عائلاتهم وأصدقائهم. ونتيجة لهذا فقد اضطر قرابة 2.8% من الأفراد المقيمين غرب الجدار، إلى تغيير مكان أقامتهم، وترك منازلهم وأراضيهم الزراعية , و تحظر المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة تدابير العقاب الجماعي التي تتخذها دولة الاحتلال، كما تكفل المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية و المادة 13 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، الحق في حرية التنقل، وتجدر الإشارة إلى أن لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي أوضحت أن (القيود المسموح بها والتي يمكن فرضها على الحق الذي تحميه المادة 12 لا يجوز أن تلغي مبدأ حرية التنقل ).
– على صعيد الصحة : حيث هناك عرقلة لحركة لسيارات الإسعاف، التي يتم ممارستها من قبل الحواجز المقامة على الجدار الفاصل. وأن 69% من الأسر التي تقع غرب الجدار لا تستطيع دفع نفقات العلاج، بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها بسبب أعمال سلطة الاحتلال , ويتضح أثر الجدار بشكل كبير على الفئة التي تعيش غرب الجدار؛ إذ أصبح من المستحيل أحيانا الوصول إلى المراكز الصحية والمستشفيات الواقعة شرق الجدار، فالقرى الفلسطينية الواقعة غرب الجدار، لا تتمتع بأي خدمات طبية بسبب المعوقات التي يفرضها الاحتلال على المواطنين في تطوير المراكز الصحية بل ان الأصح يتم منعهم من ذلك .
- على صعيد التعليم : حرم الجدار الكثير من الطلبة والمدرسين من الوصول إلى مدارسهم و جامعاتهم الأمر الذي اعاق استمرار العملية التعليمية في المناطق التي تأثرت بالجدار , الأمر الذي دفع العديد من سكان هذه المناطق الى تغيب عن الدراسة لفترات طويلة أو ترك دراستهم بسبب وجود الجدار الذي اعاق وصولهم الى المؤسسات التعليمية و انعدام الأمن نتيجة للأفعال التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي و المستوطنين , وهذا السلوك حرم الفلسطينيين من الحق الذي كفلته المادة 18 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان[4] .
– على صعيد السياحة : أظهرت دراسات أجريت حول السياحة في مدينة القدس إن العامل التاريخي شكل دافعا رئيسيا للسياح القادمين الي المدينة المقدسة , حيث شكل هذا العامل للفئة العمرية أقل من 20 عاما ما نسبته 3.9% , بينما في الفئة العربية 21-40 عام , فقد شكل العامل التاريخي عاملاً مهما عند زيارتهم لمدينة القدس فوصلت نسبته لديهم 45.6% بينما الفئة العمرية 41-60 عاماً فقد كان العامل التاريخي هو الثاني في دوافع الزيادة بنسبة 28.6% [5]. اما في مدينة الخليل , بتاريخ 31/8/2017 اصدر ما يسمى قائد قوات جيش الدفاع الاسرائيلي أمراً عسكرياً يحمل الرقم “1789” بإنشاء مجلس محلي للبؤر الاستيطانية الموجودة في قلب البلدة القديمة بمدينة الخليل، ومنحها سلطات ادارية بلدية مطلقة لتقديم الخدمات المحلية ولإدارة شؤون مستوطنيها بنفسها، في مخالفة واضحة للبند المشار اليه اعلاه من اتفاق الخليل، ويحمل هذا القرار في طياته أبعاداً عنصرية واستيطانية خالصة ضد السكان الفلسطينيين، ويعني هذا القرار ان 800 مستوطن سيتحكمون ب 40 ألف مواطن فلسطيني يعيشون داخل البلدة القديمة، ومن شأن هذا القرار أن يعزز من الوجود الاستيطاني من خلال تطوير الخدمات المقدمة للبؤر الاستيطانية والعمل نحو تحسين البنى التحتية التي تخدم الوجود الاستيطاني بشكل منفصل عن السكان الفلسطينيين، بالإضافة الى منع البناء الفلسطيني داخل أحياء البلدة القديمة، وزيادة الضرائب على السكان وإصدار رخص بناء لتعزيز البؤر الاستيطانية وتوسيعها، ويتعارض الأمر العسكري مع قرار اليونسكو الاخير والذي بموجبه تم إدراج البلدة القديمة والحرم الابراهيمي في مدينة الخليل ضمن قائمة مواقع التراث العالمي الاسلامي، ويمثل هذا الأمر العسكري الاخير تحدياً أمام المنظمة الدولية في الدفاع عن قرارها ومحاولة ألزام دولة الاحتلال بإلغاء الأمر العسكري الصادر عنها والذي أعطى صلاحيات للمستوطنين لإدارة شؤونهم بأنفسهم لأنه سيؤدي في النهاية الى ابتلاع ما تبقى من قلب مدينة الخليل وفصلها نهائيا عن باقي احياء المدينة العربية[6]
نفذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلالها للقدس الشريف جملة من الاعتداءات على الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في اطار مساعيها المحمومة لتوسيع نشاطها الاستيطاني في المدينة المقدسة , وصولاً الي تهويدها .
- على صعيد التنمية الاقتصادية : من أوجه تأثير الاستيطان على التنمية الاقتصادية , ضرب الاقتصاد الوطني في الضفة من خلال سياسات عدة كتشجيع الصناعات داخل المستوطنات من خلال الإعفاءات الضريبية المقدمة للمستوطنين وتسهيلات القروض لإقامة المصانع حيث قامت إسرائيل بنقل المصانع الي داخل مستوطنات الضفة الغربية كمستوطنة بركان وقرنيه شمرون ومستوطنة مشور أدوميم , مع جعل سعر المنتوجات الصادرة أقل من السوق المحلي الفلسطيني مع تدني الأجور الأيدي العاملة الفلسطينية . هذا بالإضافة الي فرض إسرائيل ضرائب باهظة على الفلسطينيين مع اعفاء المستوطنون ورفع تكاليف البناء داخل حدود البلدية , الأمر الذي سيجعل تهجير الفلسطينيين قسرياً وتشجيع المستوطنين على الاستيلاء على تلك الأراضي
– على صعيد المياه : تعد المياه من عصب الحياة فأثر الاستيطان على المياه في إقامة 80% من المستوطنات على خزانات المياه الجوفية , الأمر الذي الحق الضرر بمخزون المياه الجوفية فألحق الضرر بالحرمان القرى والمدن الفلسطينية من مخزون المياه , الأمر الذي أثر على المزارعين .
– على صعيد الأيدي العاملة : تعد الأيدي العاملة الفلسطينية من اهم عناصر عوامل التنمية الا ان الأيدي الفلسطينية العاملة في داخل إسرائيل أو داخل المستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية . فأجور العمال الفلسطينيين داخل الضفة الغربية في القطاع الزراعي في داخل المستوطنات يقدر الي 103.7 شيكلاً , اما في قطاع البناء في داخل المستوطنات يقدر الي 164.8 شيكلاً [7]
الفرع الثاني :المحكمة الجنائية الدولية و الاستيطان
لعل الناظر الى ميثاق المحكمة الجنائية الدولية فانه يجد الاستيطان جريمة حرب و مسلك معاقب عليه وهذا ما تحدثت عنه المادة (8/2/ب/8) , حيث تتضمن سياسة الاستيطان منهجاً إحلالياً يقع على التركيبة الديموغرافية للمنطقة التي يمارس عليها هذا السلوك , فقد تتم فيه اسكان سكان جدد في المنطقة التي يقع عليها الفعل الاستيطاني سواءً كانوا هؤلاء السكان من الداخل الدولة أو وافدين استقطبتهم من خارج البلاد حتى يسكنوا تلك المنطقة , أو يتخذ مسلكاً آخر يتمثل في إخراج عدد أو كل سكان المنطقة التي يتم عليها السلوك الاستيطاني لأسباب تقوم بها السلطة المحتلة وهذا ما تضمنته الميثاق في تعريف الجرمية في اطار المادة المشار لها سابقاً و التي نصت على { قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر , بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها , أو أبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها }.
و المحكمة إن تريد أن تنظر قضية الاستيطان الذي يدور على أرض فلسطين فانه لا يمكن لها وفقاً للواقع الفلسطيني الا بطرق المقررة في النظام وهي المتمثلة بالإحالة من قبل الدولة طرف في المحكمة أو احالة من قبل مجلس الأمن اعمالاً لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أو من خلال قيام المدعي العام في المحكمة بفتح تحقيق من تلقاء نفسه في القضية التي توافرت لديه معلومات كافية تدل و تشير لارتكاب جريمة معينة تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفقاً لنص المادة الخامسة من ميثاق المحكمة.
للعلم أن دولة فلسطين انظمت الى المحكمة بتاريخ 1/1/2015 وأصبح ساري النفاذ بتاريخ 1/4/2015 وعلى ذلك فان المحكمة تنظر هذه القضية ليس من وقت نفاذ الميثاق في حق فلسطين بل منذ بدء نفاذ ميثاق المحكمة في العالم أي بتاريخ 1/7/2002, وهنا نجد أن المحكمة ان تم احالة قضية الاستيطان اليها فانها تباشر النظر فيها بعد عام 2002 كون هذه الجريمة جريمة مستمرة و يمتد اختصاص المحكمة الى تلك الفترة و يعاقب على كل هذا السلوك , وهنا تلحق المسؤولية للأفراد الإسرائيليين بشقيها مسؤولية رؤساء و مسؤولية أفراد منذ الحكومة الاسرائيلية التي كانت موجودة في تلك القترة (حكومة شارون) و الحكومات التي تبعته في ادارة دولة الاحتلال الاسرائيلي .
الخاتمة
بعد اظهار الواقع الاستيطاني الذي تمارسه سلطات الاحتلال الاسرائيلي تُجاه الأراضي و السكان الفلسطينيين و وضعه في ميزان القانون الدولي و وميزان المحكمة الجنائية الدولية و الوصول الى اعتبارهُ مسلكاً منافياً للقواعد المستقرة في القانون , فإننا نختم دراستنا بما توصلنا اليه من نتائج في هذا الموضوع و ما نوصي به حول قضية الاستيطان :
أولاً: النتائج :
- ان السلوك الاستيطاني الاسرائيلي مجرم بموجب ميثاق المحكمة الجنائية الدولية ويدخل في اختصاصها لتنظره بموجب المادة (8/2/ب/8), والتي نصت على { قيام دولة الاحتلال على نحو مباشر أو غير مباشر , بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها , أو أبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها } .
- توافر جميع أوجه الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية في قضية و ملف الاستيطان . حيث يتوافر للمحكمة الاختصاص الزماني بموجب المادة(11) من الميثاق , وكذلك توافر للمحكمة الاختصاص المكاني بموجب المادة (12/2) كون هذه الجريمة قد تم ارتكابها على أرض دولة طرف في ميثاق المحكمة , ويتوافر للمحكمة اختصاص موضوعي في هذه القضية كما تم اشارة له في اطار المادة(8) كونها جريمة حرب و التي نوهنا لها في النتيجة الأولى.
- تواضع التحرك القانوني من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية صوب المحكمة الجنائية الدولية في ملف و قضية الاستيطان و ان ما بدر منها ما هو الا وعد بالاتجاه نحوها, حيث وفرت المادة (14) للدول الأطراف احالة الحالة التي تدخل اختصاص المحكمة الى المدعي العام لتوجيه الاتهام الى الأشخاص الذي يكون لهم صلة بهذه الحالة .
- استمرار السلطات الاحتلال الاسرائيلي في مشروعها الاستيطاني في ظل عدم احالة الملف الى المحكمة الجنائية الدولية , وقد الاستيطان الاسرائيلي وجد له تنديد و استنكار في القرارات الدولية التي تعلقت به .
- تتحقق المسؤولية الشخصية للقيادة الاسرائيلية بموجب المادة (28) من ميثاق المحكمة و للأفراد الاسرائيليين كانوا مستوطنين أو جنود عن الجرائم المرتكبة بسبب الاستيطان في اطار المادة (25) .
ثانياً: التوصيات:
- وضع خطة استراتيجية فلسطينية لتحريك ملف الاستيطان أمام المحكمة الجنائية الدولية، وعدم نتائج التي سوف يتوصل إليها مكتب المدعية العامة للمحكمة بخصوص دراستها التمهيدية التي تجريها منذ حوالى 36 شهر.
- كما يجب أن تهدف الاستراتيجية الفلسطينية إلى الاستكثار من آليات وعمليات المساءلة الدولية والمشتركة بين الدول يمكن أن يخفف العبء السياسي على كاهل المحكمة الجنائية الدولية ومكتب الادعاء العام فيها المضطر إلى التعامل مع أحد أكثر النزاعات تسييسًا في العالم.
- يجب على الفور تطوير عمل اللجنة الوطنية العليا المسئولة عن المتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية، المشكلة بموجب مرسوما رئاسيا بتاريخ 07 فبراير 2015 ، بجعل مهامها أكثر واقعية وتلامسا للحالة الفلسطينية، وردفها بكفاءات فلسطينية في مجال القانون الدولي، وفتح حوارات معمقة حول السبل المتاحة والفعالية المرجوة منها.
- يجب التأثير على الدول والشركات و المنظمات التي تربطها اتفاقيات تعاون عسكرية مع دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي، او توريد وتزويد بالعتاد الحربي المستخدم في عمليات الحربية، أو الشركات التي تعمل في المستوطنات وبناءها، ويكون ذلك عبر لفت انتباه هذه الكيانات لجملة لمخاطر استمرار هذا التعاون.
- ينبغي على الكل الفلسطيني وكذلك أي شخص يبدي الاهتمام بالعدالة الدولية إن يؤازر نزاهة المحكمة ويساندها، ويجب بشكل خاص على الفلسطينيين ( الجانب الرسمي – الضحايا – المنظمات الأهلية) أن تقف إلى جوار المحكمة، وعدم تركها منفردة تواجه الضغوط السياسية والمالية الإسرائيلية والأمريكية وحتى الغربية، حتى لا نصدم بموقف مماثل لوقف رئيس بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة 2008- 2009 السيد القاضي ريتشارد غولدستون.